وبأهله فأقام عنده الشيخ وأخذ عنه"1 ولما رحل إمام الدعوة – رحمه الله – في طلب العلم إلى البصرة اجتمع بالشيخ محمد المجموعي وهو عالم جليل الموحد معروف قال ابن بشر – رحمه الله – "فلما وصلها – أي البصرة – جلس يقرأ عند عالم جليل من أهل المجموعة – قرية من قرى البصرة – في مدرسة فيها ذكر لي أن اسمه – محمد المجموعي، فأقام مدة يقرأ فيها وينكر أشياء من الشركيات والبدع وأعلن بالإنكار واستحسن شيخه قوله وقرر له التوحيد وانتفع به" 2 ولما عاد رحمه الله من البصرة إلى الاحساء نزل على الشيخ العالم الجليل عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الاحسائي وهو ممن يرى رأيه فيها وقع فيه كثير من الناس في أمور العقيدة.
فهؤلاء العلماء وغيرهم من علماء النجد مثل والد الإمام وجده وكثير من معاصريهم كانوا على جانب كبير من الفضل والصلاح والعلم بالحق والدعوة إليه. وليس من المعقول أن يكون هؤلاء الذين ذكرهم المؤرخون هم كل أهل العلم، والفضل الذين ضلوا على الحق علما وعملا وتعليما في النجد وأطراف الجزيرة، وليس من المسلم بأن هؤلاء وأمثالهم لم يكن لهم أثر في إيضاح الحق ومعرفته وتزامنه في كثير من جوانب الحياة ولم يكن لهم تلامذة وأتباع حتى يصح أن تنعت هذه الفترة في النجد بالكفر والخروج عن الذين وإطلاق الكلام الذي يصح على البعض ولا يشمل الكل. وليست الحالة التي وصفها المؤرخون في نجد وأئمة الدعوة الإصلاحية فيه وما كان عليه جمهرة من الناس بحالة خاصة بنجد بل هو وضع يشبه إلى حد كبير ما عليه حالة المسلمين في مختلف ديارهم وأمصارهم في ذلك العهد. ومن تتبع تاريخ العالم الإسلامي في تلك الفترة علم أنها حالة متشابهة إلى حد كبير وإنما أراد الله لهذه البقعة المباركة من البلاد الإسلامية أن تصفو عقيدة أهلها وأن يختار الله لها مجددا عظيما، وعالما عاملا مخلصا شخََّص داءها وعالج أدواءها حتى رد ضال أهلها إلى جادت الحق والصواب وكانت حركته الإصلاحية هي أولى ومضات الإصلاح الديني الاجتماعي