حبل الأمن وانتشرت فيها الفوضى وكثر قطاع الطرق بل صار قطع الطريق والغارات من أهم موارد رزق المقيمين فيها لا سيما من البوادي والأعراب. كل ذلك زاد من عزلتها وغربة الإسلام فيها وندرة العلم والعلماء ببن سكانها حتى كثر فيها الجهل وقل العلم وانتشرت البدعة والخرافة وقلت السنة وضاعت الحقيقة واندثرت معالم الدين فصار في بلاد نجد مثل ما في البلاد الإسلامية الأخرى من التخلف والانحراف وزيادة.
والمتتبع لتاريخ نجد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – لمعرفة حقيقة ما كانت عليه الحالة الدينية والاعتقادية في نجد قبيل الدعوة الإصلاحية فيها يجد أن المصادر التاريخية على قلتها تختلف في نقل الصورة القائمة فيها. فمن جهة نجد المصادر التي كتبت بأقلام أئمة الدعوة الإصلاحية وتلامذتهم تصور الحياة في نجد بأنها حياة غير إسلامية وأن الناس كانوا على جهل تام وضلال كامل وانحراف واضح في أصل العقيدة وقواعد الإيمان وفي العبادات والأخلاق والسلوك والعادات، وأن الشرك قد طبق البلاد طولا وعرضا وأن الحياة عادت جاهلية صرفة. يقول ابن بشر – رحمه الله – "وكان الشرك إذ ذاك – عند بدء الدعوة الإصلاحية في نجد قد فشا في نجد وغيرها وكثر الاعتقاد في الأشجار والأحجار والقبور والبناء عليها والتبرك بها والنذر والاستعاذة بالجن والذبح لهم ووضع الطعام لهم وجعله في زوايا البيوت لشفاء مرضاهم ونفعهم وضرهم والحلف بغير الله وغير ذلك من الشرك الأكبر والأصغر"1
ويصف الشيخ سليمان بن سحمان – رحمه الله – حالة أهل نجد في هذه الفترة فيقول: قد خلع الناس ربقة التوحيد والدين وجدوا واجتهدوا في الاستعانة والتعلق بغير الله تعالى من الأولياء والصالحين والأصنام والأوثان والشياطين وكثير منهم يعتقد النفع في الأحجار والجمادات ويتبركون بالآثار ويرجون منها القبول في جميع الأوقات " 2