يمثل القرن الثاني عشر الهجري في عمر الخلافة العثمانية مرحلة الشيخوخة والهرم وظهور عوامل الضعف والتدهور في مختلف مجالات الحياة العامة , ففي مجال القيادة السياسية ظهر ضعف السلاطين العثمانيين وتسلط وزراء الدولة وقادة الجيش الانكشاري عليهم والاستبداد بأمور الدولة والتصرف في الشئون العامة وكانوا لا يملكون الخبرة الكافية ولا ينطلقون من رعاية المصلحة العامة، وظهر الترف والسعي وراء شهوات النفس وحظوظها في دور الخلافة وسلاطين آل عثمان ولم يعد لديهم وقت يستطيعون فيه رعاية شئون الخلافة وحماية مصالح الدولة وتنمية الحياة في مختلف جوانبها في مركز الخلافة وأقاليمها المتعددة ,مما أتاح للولاة في الأقاليم التصرف المطلق في إدارة جميع الأمور في أقاليمهم , فساءت الإدارة وتفشى الظلم وضاقت موارد الرزق وأهمل التعليم وتفشى الجهل وصار أكبر هم الولاة جمع الأموال وأخذ الأتاوات واحتكار الأقوات وعدم تطوير وسائل الإنتاج وترك الأمن وتدهورت القوة العسكرية وانكمشت الزراعة والتجارة واندثرت كثير من الصناعات والحرف وساءت الأحوال وتفشى السلب والنهب وقطع الطريق وتوافرت أسباب الخروج على الخلافة العثمانية.
وفي هذه المرحلة من عمر الخلافة العثمانية التي تراجعت فيها في مختلف جوانب الحياة بدأت في أوروبا المسيحية بوادر النهضة الحديثة وتطورت وسائلها الحربية