قالت عائشة رضي الله عنها: فبينما نحن جلوس في نحر الظّهيرة- حين تبلغ الشّمس منتهاها من الارتفاع، كأنّها وصلت إلى النّحر، وهو أعلى الصّدر- إذ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر:
فداه أبي وأمّي، ما جاءنا في هذه السّاعة الّتي لم يكن يأتينا فيها إلّا لأمر قد حدث، فلمّا دخل صلى الله عليه وسلم قال له: «أخرج من عندك» ، قال: فإنّما هم أهلك. قال: «فإنّي قد أذن لي في الخروج»
وواعده وقت السّحر، وأمره بالتّجهيز.
قالت عائشة: فجهّزناهما أحثّ الجهاز- بالمثلّثة، أي:
أسرعه- واستأجرا رجلا دليلا ماهرا (?) ، قد دفعا إليه راحلتيهما، وواعداه (غار ثور) بعد ثلاث ليال.
ثمّ لحقا ب (الغار) ، فمكثا فيه ثلاثا يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، وهو يومئذ غلام فطن، ويدّلج (?) من عندهما بسحر، فيصبح ب (مكّة) مع قريش كبائت فيها، فلا يسمع أمرا يكادان به إلّا وعاه، وأتاهما بذلك حين يختلط الظّلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منائح من غنم (?) ، فيريحها عليهما عشيا (?) ،