فقال قائل منهم: أرى أن تربطوه في الحديد، وتغلقوا دونه الأبواب حتّى يموت، وقال آخر: أرى أن تخرجوه من بين أظهركم، فتستريحوا منه، وإن قتله غيركم كفاكم شرّه، وإن ظفر بالعرب فعزّه عن عزّكم، فقال أبو جهل: الرّأي عندي أن تخرجوا له من كلّ قبيلة رجلا، فيقتلوه دفعة واحدة، فيتفرّق دمه في القبائل، فيعجز قومه عن طلب الثّأر به. فقال الشّيخ النّجديّ: هذا والله هو الرّأي. فتفرّقوا على ذلك.
فأخبر/ جبريل النّبيّ صلى الله عليه وسلم بما قصدوا له، وأمره بالهجرة ليلة كذا، وهي اللّيلة الّتي علم الله سبحانه أنّهم يمكرون به فيها.
وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ- أي: يحبسوك- أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ- أي: يحاربهم الله- وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ
[سورة الأنفال 8/ 30] (?) .
وكان أبو بكر رضي الله عنه قد تجهّز للهجرة إلى (المدينة) ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على رسلك- أي: أمهل- فإنّي أرجو أن يؤذن لي فيها» . فعلف أبو بكر راحلتين كانتا عنده ورق التّمر (?) .