وَقد أَرَادَ الله ببعثهم أَن يظْهر الْحق وَيُقِيم بهم الْأمة العوجاء ويجعلهم أَئِمَّة، وَالْأَقْرَب لذَلِك أهل النّسَب الرفيع واللطف مرعى فِي أَمر الله، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:
{الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسَالَته} .
وَنَشَأ معتدلا فِي الْخلق والخلق، كَانَ ربعَة لَيْسَ بالطويل وَلَا بالقصير. وَلَا الْجَعْد القطط. وَلَا الْبسط كَانَ جَعدًا رجلا، وَلم يكن بالمطهم. وَلَا بالمكلثم، وَكَانَ فِي وَجهه تدوير، ضخم الرَّأْس واللحية شئن الْكَفَّيْنِ والقدمين مشربا حمرَة. ضخم الكراديس. قوي الْبَطْش والباءة. أصدق النَّاس لهجة
وألينهم عَرِيكَة من رَآهُ بديهة هابه، وَمن خالطه معرفَة أحبه، أَشد النَّاس تواضعا مَعَ كبر النَّفس وأرفقهم بِأَهْل بَيته وخدمه، خدمه أنس رَضِي الله عَنهُ عشر سِنِين فَمَا قَالَ لَهُ أُفٍّ وَلَا لم صنعت؟ وَلَا أَلا صنعت؟ وَإِن كَانَت الْأمة من إِمَاء أهل الْمَدِينَة لتأْخذ بِيَدِهِ فتنطلق بِهِ حَيْثُ شَاءَت.
وَكَانَ يكون فِي مهنة أَهله وَلم يكن فَاحِشا وَلَا لعانا وَلَا سبابا.
وَكَانَ يخصف نَعله ويخيط ثَوْبه ويحلب شاته مَعَ كَونه ذَا عَزِيمَة نَافِذَة قيله القيل لَا يغلبه أَمر وَلَا تفوته مصلحَة.
وَكَانَ أَجود النَّاس وأصبرهم على الْأَذَى وَأَكْثَرهم رَحْمَة بِالنَّاسِ لَا يصل إِلَى أحد مِنْهُ شَرّ لَا من يَده وَلَا من لِسَانه إِلَّا أَن يُجَاهد فِي سَبِيل الله.
وَكَانَ الزمهم باصلاح تَدْبِير الْمنزل ورعاية الْأَصْحَاب وسياسة الْمَدِينَة بِحَيْثُ لَا يتَصَوَّر فَوْقه يعرف لكل شَيْء قدره.