وأقطع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَبْيَض بن حمال المأربي الْملح الَّذِي بمأرب فَقيل: إِنَّمَا أقطعت لَهُ المَاء الْعد قَالَ: فرجعه مِنْهُ. أَقُول: لَا شكّ أَن الْمَعْدن الظَّاهِر الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى كثير عمل إقطاعه لوَاحِد من الْمُسلمين إِضْرَار بهم وتضييق عَلَيْهِم.
وَسُئِلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن اللّقطَة فَقَالَ: " اعرف عفاصها ووكاءها، ثمَّ عرفهَا سنة، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا، وَإِلَّا فشأنك بهَا، قَالَ فضَالة: الْغنم؟
فَقَالَ: هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب، قَالَ فضَالة: الْإِبِل قَالَ: مَالك وَلها مَعهَا سقاؤها وحذلؤها ترد المَاء وتأكل الشّجر حَتَّى يلقاها رَبهَا " وَقَالَ جَابر رَضِي الله عَنهُ: رخص لنا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَصَا وَالسَّوْط وَالْحَبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينْتَفع بِهِ أَقُول اعْلَم أَن حكم اللّقطَة مستنبط من تِلْكَ الْكُلية الَّتِي ذَكرنَاهَا فَمَا اسْتغنى عَنهُ صَاحبه، وَلَا يرجع إِلَيْهِ بعد مَا فَارقه، وَهُوَ التافه يجوز تملكه إِذا ظن أَن الْمَالِك غَابَ، وَلم يرجع، وَامْتنع عوده إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مَال الله وَصَارَ مُبَاحا، وَأما مَا كَانَ لَهُ بَال يطْلب، وَيرجع لَهُ الْغَائِب، فَيجب تَعْرِيفه على مَا جرت الْعَادة بتعريف مثله حَتَّى يظنّ أَن مَالِكه لم يرجع، وَيسْتَحب الْتِقَاط مثل الْغنم لِأَنَّهُ يضيع إِن لم يلتقط، وَيكرهُ الْتِقَاط مثل الْإِبِل.
وَاعْلَم أَنه يجب فِي كل مُبَادلَة من أَشْيَاء عاقدين وعوضين، وَالشَّيْء الَّذِي يكون مَظَنَّة ظَاهِرَة لرضا الْعَاقِدين بالمبادلة، وَشَيْء يكون قَاطعا لمنازعتهما مُوجبا للْعقد عَلَيْهِمَا.
وَيشْتَرط فِي الْعَاقِدين كَونهمَا حُرَّيْنِ، عاقلين، يعرفان النَّفْع وَالضَّرَر، ويباشران العقد على بَصِيرَة وَتثبت. .، وَفِي الْعِوَضَيْنِ كَونهمَا مَا لَا ينْتَفع بِهِ، ويرغب فِيهِ، ويشح بِهِ، غير مُبَاح، ولاما لَا فَائِدَة معتدا بهَا فِيهِ، وَإِلَّا لم يكن مِمَّا شرع الله لخلقه وَكَانَ عَبَثا أَو مرعيا فِي فَائِدَة ضمنية لَا يذكرهَا فِي الظَّاهِر، وَهَذَا إِحْدَى الْمَفَاسِد لِأَن صَاحبهَا على شرف أَلا يجد مَا يُريدهُ، فيسكت على خيبة، أَو يُخَاصم بِغَيْر حق، توجه لَهُ عِنْد النَّاس. .،