ثم نوَّه بالزهراء وتلا قول الله:
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 109-110] .
وظهر من الحكام من يجهر بالمعاصي، والجهر بالمعصية إغراء بها, وتحريض عليها, فإن كان الجهر من الحكام فالإغراء أشد, والتحريض أعظم، وهكذا يشير المؤرخون إلى الحكم بن هشام, ثم إلى ولده عبد الرحمن, وإذا كان الأمر كذلك على مستوى أولي الأمر، فإن السقوط أشدّ, والتتابع بين العامَّة أفظع, وهكذا صدق قول الله: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} [الإسراء: 6] . وفي القراءة الأخرى: "أمَّرْنَا مترفيها" بتشديد الميم, فمع التشديد يكون تشديد الله أشد.
وكان مما صاحب الترف وزكاه على مستوى الجماهير، غزوٌ فكري حمله مبشرون وصلوا إلى الألف, وحملة مدرسون في المدارس وصلوا إلى 485 مدرسًا، وحملته كئوس الخمر ينفق عليها البابا خمسمائة ألف فلورين "سنويًّا".
وكان مما صاحبه على مستوى الأمراء مصاهرة النصارى؛ فنزوج أبو الحسن "الغني بالله" من النصرانية ثريَّا، وكان يستعين بأهلها "ملوك قشتالة" النصارى على ابن أخيه الزعل، وتتابع مَنْ قبله ومَنْ بعده أمراء في هذا الأمر، ولم يصغوا لقول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118] ولا قوله: {يَا أَيُّهَا