ويؤكده قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، قالوا: ننصره يا رسول الله مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: "بحجزه أو قصره عن ظلمه".
وهكذا يتحقَّق تكافل سياسي، يقصر فيه الظالم عن ظلمه، وينتصر فيه للمظلوم من ظالمه، وهو ما حاول العرب الاقتراب منه قبل الإسلام بحلف الفضول الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لو عرض عليه بعد البعثة لقبله".
ونماذج الفرد المسلم رجالًا ونساء، والأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم، نماذج فريدة في التاريخ.
نماذج للفرد المسلم الذي جاهد في ميدان القتال, وضرب أروع مَثَلٍ للتضحية والفداء, والذي جاهد بكلمة الحق يقولها عند مَنْ يخافه أو يرجوه.
والمرأة المسلمة التي شاركت جهادًا في سبيل الله، تضميدًا للجروح, أو حثًّا على الجهاد, وأحيانًا إذا اقتضى الأمر تلثَّمت وقاتلت كما يقاتل الرجل.
وجهادًا في إقامة البيت المسلم والمجتمع المسلم, محققةً قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسن تبعُّل المرأة لزوجها يعدل الجهاد في سبيل الله".
ونماذج الأسرة المسلمة المترابطة المتحابة التي يحترم فيها الصغير الكبير، ويعطف فيها الكبير على الصغير، والتي تتواصى بالصبر، والتي تخرج أجيالًا من الأبطال، كل هذه نماذج متكررة على مدى التاريخ الإسلامي، ونماذج المجتمع المسلم الذي يحمل الحق ويحمي الحق متكررة كذلك، حتى ليقرِّر المنصفون أن الانحراف وإن أصاب الإمارة في بعض الأحيان, أو أكثر الأحيان, فقد بقيت "العصمة" للأمة لا الإمام، مصدقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة".
وكان ذلك سرًّا من أسرار خلود هذه الشريعة باعتبار الأمة المسلمة هي وعاؤها.