رئيسًا وأعضاءً لا يستمدون سلطتهم الحقيقية من ثقة ممثلي الشعب في الأساس, بل يستمدونها من إدارة رئيس الجمهورية فقط, وهم بالتالي لا يتمتَّعون بأي حصانة, بينما موظفو الدولة يتمتعون بهذه الحصانة, والدستور "م60" يؤكِّد أن رئيس الجمهورية حاكم فعلي للبلاد غير مسئول عن تبعاته، ومما يزيد الوضع غرابة أنَّ الوزراء الذين يعينهم رئيس الجمهورية دون أن يسأل عن نتائج أعمالهم هم المسئولون عن كل إجراء في الحكومة, وهم في الحقيقة لا يملكون من أمرهم شيئًا، فهم مسئولون غير حاكمين.

وقد أثبت الواقع اللبناني أهمية منصب رئاسة الجمهورية, وهي الرئاسة الأولى, وعجز ما عداها من الرئاسات عن التأثير في توجيه مقدرات البلاد.

لقد كان للسلطات التي أعطاها الدستور لشخص رئيس الجمهورية من إطلاق يده في عقد المعاهدات, هي السبب في تصرفات كميل شمعون, الذي استغلَّ هذه الحقوق استغلالًا سيئًا باستدعاء الأسطول السادس الأمريكي لاحتلال البلاد سنة 1958، ولكن يقظة الشعب اللبناني يومذاك أسقطت شمعون وحافظة قليلًا على استقلال لبنان, حتى وقع فريسة الحرب الأهلية التي تصطلي بنارها منذ سنوات؛ لتحقق ما عجز عنه الأسطول الأمريكي, أمَّا رئاسة الوزراء فقد جرت العادة بإسنادها إلى أحد أعضاء المجلس النيابي وفقًا لاختيار رئيس الجمهورية, ولم يحدد الدستور قيودًا أو شروطًا معينة لهذا المنصب, سواء في الحقوق أو الواجبات, ويكاد ينحصر في النواحي الإدارية لا الإنشائية.

وقد جرى العرب على جعل منصب رئاسة الوزراء لطائفة المسلمين السُّنَّة, حتى تكاد تكون وقفًا على عدد محدود من أبناء هذه الطائفة, تنتقل من أحدهم إلى الآخر دوريًّا. وغالبًا ما يكون رئيس الوزراء على علم بالمدة التي سيقضيها, أو على اتفاق مع رئيس الجمهورية عليها, مما يجعل رئيس الوزراء إذا رغب البقاء في الحكم أداة طيِّعة في يد رئيس الجمهورية, الذي يملك وحده حق الاستغناء عن خدماته في الوقت الذي يراه.. وقد تأثَّرت علاقات كلٍّ من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بمركز كل من الطائفتين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015