للأمر الواقع في الرضا بسياسة الانتداب, وظل مسلمو طرابلس يطالبون بالوحدة مع سوريا، ولهذا تعاون الفرنسيون مع الأسر الأستقراطية من مسلمي بيروت, فأسندوا إليهم بعض المناصب التافهة، وحقَّق قبول بعض الأسر الإسلامية للتعاون مع حكومة الانتداب ما قصدوا إليه من إظهار رضا المسلمين بالوضع السياسي, وإظهار أنهم يشاركون في بناء الدولة اللبنانية، ولكن مسلمي طرابلس ظلوا بحكم مصالحهم الاقتصادية ووضعهم الجغرافي الذي يربطهم بسوريا دعاة للوحدة العربية عامَّة ومع سوريا خاصة. وأدَّى ذلك بهم إلى إعلانهم

نار التعصُّب والكراهية ضد الموارنة.

أما الشيعة فهم أقل عددًا من أهل السنة, وقد عمل هذا الانتداب على إذكاء نار الفرقة بين الشيعة والسنة حتى أصبح العداء بينهما أشد مع العداوة بين المسلمين وبقية الطوائف الأخرى، ولا يخفى الدور الذي تلعبه الشيعة منذ القديم, ويمكن القول بأن مَيْل الشيعة وتأييدهم للمسيحيين أكثر من ميلهم وتأييدهم للمسلمين, ويكفي القول بأنَّ أعدادًا كبيرة من الشيعة ينتظم في حزب الكتائب الماروني"1.

أما الدروز فهم فرع من الشيعة أصبحت مستقلة بمبادئها, وتتركز قوتهم في محافظة جبل لبنان, ويمثلهم سياسيًّا أسرتان كبيرتان هما: أسرة آل أرسلان وآل جنبلاط.

ولكن الطائفية في لبنان لا يظهر تأثيرها السياسي في لبنان إلّا إذا عرفنا تعدّد الأحزاب السياسية التي توزع هذه الطوائف, وفي لبنان ستة عشر حزبًا سياسيًّا لكلٍّ منها أنصاره ومبادئه, ومن ثَمَّ تختلف الاتجهاهات والآراء التي تعمل على تفريق الكلمة وبثّ أسباب الفرقة هو مقصود الاستعمار عامة في الأوطان التي حكمها بسياسته المشهورة "فرِّق تَسُد" ومن أشهر هذه الأحزاب: حزب الكتائب الذي يقوم على المراونة, ثم حزب النجادة الذي يقوم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015