ونلقي نظرة على الطوائف الدينية في لبنان؛ لندرك مدى تأثيرها في صنع الأحداث, تنقسم الطوائف إلى قسمين رئيسيين: الطوائف المسيحية والطوائف الإسلامية, ثم يتفرَّع عن كلٍّ منها عدة مذاهب مختلفة. وينطبق على كلٍّ منها ما قاله الله في شأن اليهود {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} .

أما الطوائف المسيحية فتشمل الموارنة والروم الأرثوذكس، والروم الكاثوليك والأرمن, ثم أقليات أخرى من البروتستانت والإنجيليين.

وأكثر هذه الطوائف تأثيرًا وأكثرها عددًا هي طائفة الموارنة, فهم الذين يحتكرون أهمّ مناصب الدولة الرئيسية, فلهم منصب رئاسة الجمهورية ومدير المن العام, ولهم أكبر عدد من الوزراء, من وزارات السيادة، ولهم أكبر مقاعد مجلس النواب.

والحق أن ذلك التفوق والامتياز عن غيرهم من الطوائف يرجع إلى مغالطة مكشوفة هي الادِّعاء بأنهم أكثر الطوائف عددًا, والواقع يكذِّب هذا الادعاء؛ لأن المسلمين بيقين يفوقونهم عددًا, ولذا فلم تسمح الحكومات المتعاقبة بعمل إحصاء دقيق؛ لأن نتائج هذه الإحصائية ستسقط الادِّعاء بأكثرية الموارنة، ومن ثَمَّ يسقط حقهم في أغلب المناصب التي يتميزون بها.

لقد بلغت دعوى التميز إلى حدِّ القول من رئيس حزب الكتائب, وكان وزيرًا سنة 1960 بأن الموارنة لهم حقوق أكثر, وبخاصَّة من الناحية الاقتصادية؛ لسبب بسيط: هو ما ادَّعاه من أنَّ الإحصاءات تثبت أن 83% من الواردات إلى لبنان يشتريها المسيحيون, ومعنى ذلك في نظره أنَّ لبنان يعيش على المسيحيين, ولولاهم لأغلقت الأسواق أبوابها. هكذا يكذبون على الواقع الذي لم يشهد أيّ لون من ألوان الإحصاء.

أما الروم الأرثوذكس فإنهم كانوا في حماية روسيا القيصرية إلى قيام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015