الكبرى حاليًا, وهي بيروت وصيدا وطرابلس وسهل البقاع وبعلبك وراشيا ومرجعيون. وعملت فرنسا على تدعيم الطائفية بتوزيع الرئاسة الكبرى بين الطوائف, فجعلت رئاسة الجمهورية من نصيب الموارنة، ورئاسة مجلس الوزراء للشيعة, ورئاسة الخارجية من نصيب المسلمين أهل السنة.

ونجحت فيما قصدت إليه من سلخ كثير من البلاد التي كانت تحكمها من وجهها العربي والإسلامي, كما نجحت في اتخاذ ركائز وأعوان غرست في نفوسهم أنَّ بقائهم وعزَّهم في تحويل لبنان إلى بلد مسيحي, وغرسوا بكل الوسائل روح الاحتقار والتهوين لكل ما هو عربي أو إسلامي, وأصبحت دعوة الوحدة العربية عندهم مرادفة للإسلام.

وأدَّى كثير من رؤساء الجمهوريات ما عهد إليهم من تنفيذ هذه السياسة المسيحية, وأدوا رسالتهم في تبنِّي كل سياسة محالفة للغرب, حتى إنَّ رئيس جمهورية لبنان أعلن قبول مشروع أيزنهاور, فخرج على إجماع الدول العربية. وكان هذا القبول وأسباب أخرى سببًا في ثورة لبنان الأهلية 1958, تلك الثورة التي انتهت باستعانة كميل شمعون بحماية أمريكا, ودخل الأسطول الأمريكي شواطئ لبنان متحديًا إرادة شعب لبنان من جهة, منتصرًا لرئيس الجمهورية وسلطة المارونية من جهة أخرى, وحاميًا لنظام الحكم الذي يرعى مصالح المسيحية ويهدر مصالح المسلمين. وقد برَّرت أمريكا يومئذ تدخلها السافر بدعوة لبنان له للتدخل, ولم تكن لبنان يومئذ إلّا شخص رئيس الجمهورية الذي يعمل لحماية مصالح الصليبية العالمية.

الطائفية في لبنان:

الطائفية في لبنان هي المسئولة عن كلِّ ما يتعرض له لبنان داخليًّا وخارجيًّا, وهي السبب في الحرب الأهلية الدائرة منذ ست سنوات, ومن المؤكَّد أن المحرِّك لوقودها والمستفيد منها هم أعداء العروبة والإسلام؛ لأنه باستقراء التاريخ نجد أن التركيب الطائفي للسكَّان لم يؤثر أثره إلّا عقب الاستعمار الغربي الذي فرض على لبنان منذ منتصف القرن التاسع عشر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015