وظلت هذه العلاقة تتجدد جيلًا بعد جيل. ففي القرن السابع عشر أرسل ملك فرنسا لويس الرابع عشر في 28 إبريل 1649 بالرسالة الآتية إلى الطائفة المارونية, وفيها:

"نحن لويس بعناية الله ملك فرنسا إلى كل من تصله, هذا ليكن معلومًا أننا بنصيحة الملكة الوصية أمنا الشريفة, نضع حمايتنا ورعايتنا الخاصة من ساعة توقيع هذا بطريك ورعاية وإكليروس المارونية المسيحية, الذين يعيشون ويعملون في جبل لبنان, وإننا لنرغب إليهم أن يعرفوا ذلك في كل الأوقات" وأكد فيها أمره لمن دونه من الفرنسيين أن يظهروا لهم كل عناية وحماية أمام كل جهة, ومساعدتهم بما يمنع عنهم الضرر, وأن تكون لهم الحرية لممارسة شعائر دينهم وأعمالهم، ومساعدتهم على السفر للدراسة, ومعاملتهم بمنتهى الرقة والاحترام"1.

وكما استعانت فرنسا بالموارنة استعانت إنجلترا بالدروز, واستعانت روسيا القيصرية بالروم الأرثوذكس, وعملت هذه الدول المسيحية على إذكاء نار الفتنة الطائفية حتى انجلت عن مذبحة دير القمر 1860, التي انتهت بمذابح دامية شملت كل لبنان. وانتهت بعقد مؤتمر حضرته كل من انجلترا وفرنسا وروسيا والنمسا وتركيا في أغسطس 1860, أسفر عن قرار بشرعية التدخل الأجنبي في شئون لبنان, وأعقبه وضع مشروع عُرِفَ باسم بروتوكول لبنان, الذي كان من نتيجة سلخ بعض الأجزاء عن لبنان, ومعظمها مناطق إسلامية مثل: صيدا وطرابلس وبيروت, وقصد بذلك أن يكون وجه لبنان مسيحيًّا2.

وفي عهد الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان أعطت معاهدة لوزان بسويسرا سنة 1926 فرنسا حق التصرف المطلق في كل منهما, فعملت على توسيع رقعة لبنان على حساب سوريا, فضمَّت إلى لبنان معظم المدن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015