لِلْعَوَامِّ (عَلَى مَا خَالَفَ فِيهِ الْعَوَامُّ) لِضَعْفِ الثَّانِي بِالْخِلَافِ فِي حُجِّيَّتِهِ عَلَى مَا حَكَاهُ الْآمِدِيُّ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) الْإِجْمَاعُ (الْمُنْقَرِضُ عَصْرُهُ وَمَا) أَيْ وَالْإِجْمَاعُ الَّذِي (لَمْ يُسْبَقْ بِخِلَافٍ عَلَى غَيْرِهِمَا) أَيْ مُقَابِلِهِمَا لِضَعْفِهِ بِالْخِلَافِ فِي حُجِّيَّتِهِ، (وَقِيلَ الْمَسْبُوقُ) بِخِلَافٍ (أَقْوَى) مِنْ مُقَابِلِهِ (وَقِيلَ) هُمَا (سَوَاءٌ) .

(وَالْأَصَحُّ تَسَاوِي الْمُتَوَاتِرَيْنِ مِنْ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ) ، وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْكِتَابُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهَا (وَثَالِثُهَا تَقَدُّمُ السُّنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى) {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] أَمَّا الْمُتَوَاتِرَانِ مِنْ السُّنَّةِ فَمُتَسَاوِيَانِ قَطْعًا كَالْآيَتَيْنِ.

(وَيُرَجَّحُ الْقِيَاسُ بِقُوَّةِ دَلِيلِ حُكْمِ الْأَصْلِ) كَأَنْ يَدُلَّ فِي أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ بِالْمَنْطُوقِ وَفِي الْآخَرِ بِالْمَفْهُومِ لِقُوَّةِ الظَّنِّ بِقُوَّةِ الدَّلِيلُ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (عَلَى سُنَنِ الْقِيَاسِ أَيْ فَرْعُهُ مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ) فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى قِيَاسٍ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ بِالْجِنْسِ أَشْبَهُ فَقِيَاسُنَا مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ عَلَى أَرْشِهَا حَتَّى تَتَحَمَّلَهُ الْعَاقِلَةُ مُقَدَّمٌ عَلَى قِيَاسِ الْحَنَفِيَّةِ لَهُ عَلَى غَرَامَاتِ الْأَمْوَالِ حَتَّى لَا تَتَحَمَّلَهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ هَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْإِجْمَاعَيْنِ الظَّنِّيَّيْنِ لَا فِي الْقَطْعِيَّيْنِ إذْ لَا تَرْجِيحَ بَيْنَ قَاطِعَيْنِ قُلْت وَلَا فِي الْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ إذْ الْقَطْعِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الظَّنِّيِّ مُطْلَقًا وَظَاهِرٌ أَنَّ وُجُودَ الظَّنَّيْنِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ غَفْلَةِ الْمُجْمِعِينَ ثَانِيًا عَنْ الْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خِلَافِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ، وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ بِلَا غَفْلَةٍ إذَا اطَّلَعُوا عَلَى دَلِيلٍ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ الْأَوَّلَيْنِ، وَيَكُونُ هَذَا مُقَيِّدًا لِقَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ خَرْقُ الْإِجْمَاعِ اهـ. زَكَرِيَّا.

وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الشَّنَوَانِيُّ بِهَامِشِهِ قَوْلَهُ وَظَاهِرٌ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ بِزَوَالِ الْغَفْلَةِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ الثَّانِي وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ إجْمَاعَانِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَتَرَدَّدَ بَيْنَهُمَا فَرْعٌ اهـ.

وَقَالَ النَّاصِرُ قَوْلُهُ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ إلَخْ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نُقِلَ إجْمَاعَانِ مُتَعَارِضَانِ بِخَبَرِ الْآحَادِ قُدِّمَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى إجْمَاعِ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا تَحَقُّقُ إجْمَاعَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ فَمُحَالٌ إذْ خَرْقُ الْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ مُحَالٌ فَفَرْضُ التَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا لَا يُمْكِنُ إلَّا بِمَا تَأَوَّلْنَاهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الثَّانِي بِالْخِلَافِ فِي حُجِّيَّتِهِ) جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ أَنَّ التَّرْجِيحَ لِمُوَافَقَةِ الْعَوَامّ يُنَاقِضُهُ مَا قَدَّمَهُ أَوْ الْإِجْمَاعُ مِنْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِوِفَاقِ الْعَوَامّ حُجِّيَّةَ الْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فَإِنَّ نَفْيَهُ إيَّاهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّفْرِيعِ عَلَيْهِ عَلَى رَأْيِ مَنْ أَثْبَتَهُ.

وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّرْجِيحِ بِالشَّيْءِ الْقَوْلُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا حَكَاهُ الْآمِدِيُّ) مُتَعَلِّقٌ بِالْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَسْبُوقُ بِخِلَافِ إلَخْ) أَيْ لِزِيَادَةِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى الْمَأْخَذِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ تَسَاوِي الْمُتَوَاتِرَيْنِ) أَيْ مَتْنًا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْقَطْعِيَّيْنِ الْعَقْلِيَّيْنِ، وَأَوْرَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يُقَدَّمُ الْكِتَابُ عَلَى السُّنَّةِ إلَخْ.

وَأَجَابَ بِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهِمَا مِنْ وَجْهٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ ثَمَّ وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَوَاتِرَانِ مِنْ السُّنَّةِ إلَخْ) نُكْتَةُ تَعْبِيرِهِ بِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ مِنْ السُّنَّةِ أَوْ الْكِتَابِ دَفْعُ إيهَامِ أَنَّ فِي الْكِتَابِ غَيْرِ مُتَوَاتِرٍ كَالسُّنَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَيُرَجَّحُ الْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى قِيَاسٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَيْ فَرْعُهُ مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ) احْتَرَزَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015