لِأَنَّ الثَّانِيَ بِاحْتِمَالِ إرَادَةِ قَصْرِهِ عَلَى السَّبَبِ كَمَا قِيلَ بِذَلِكَ دُونَ الْمُطْلَقِ فِي الْقُوَّةِ إلَّا فِي صُورَةِ السَّبَبِ فَهُوَ فِيهَا أَقْوَى؛ لِأَنَّهَا قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا تَقَدَّمَ (، وَالْعَامُّ الشَّرْطِيُّ) كَمَنْ وَمَا الشَّرْطِيَّتَيْنِ (عَلَى النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ) لِإِفَادَتِهِ لِلتَّعْلِيلِ دُونَهَا، وَقِيلَ الْعَكْسُ لِبُعْدِ التَّخْصِيصِ فِيهَا بِقُوَّةِ عُمُومِهَا دُونَهُ (وَهِيَ) تُقَدَّمُ (عَلَى الْبَاقِي) مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ كَالْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُ فِي الْعُمُومِ إذْ تَدُلُّ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِالْقَرِينَةِ اتِّفَاقًا (وَالْجَمْعُ الْمُعَرَّفُ) بِاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ (عَلَى مَا وَمَنْ) غَيْرِ الشَّرْطِيَّتَيْنِ كَالِاسْتِفْهَامِيَّتَيْ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُمَا فِي الْعُمُومِ لِامْتِنَاعِ أَنْ يَخُصَّ إلَى الْوَاحِدِ دُونَهُمَا عَلَى الرَّاجِحِ فِي كُلٍّ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَالْكُلُّ) أَيْ الْجَمْعُ الْمُعَرَّفُ وَمَا وَمَنْ (عَلَى الْجِنْسِ الْمُعَرَّفِ) بِاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ (لِاحْتِمَالِ الْعَهْدِ) فِيهِ بِخِلَافِ مَا وَمَنْ فَلَا يَحْتَمِلَانِهِ، وَالْجَمْعُ الْمُعَرَّفُ فَيَبْعُدُ احْتِمَالُهُ لَهُ (قَالُوا وَمَا لَمْ يُخَصَّ) عَلَى مَا خُصَّ لِضَعْفِ الثَّانِي بِالْخِلَافِ فِي حُجِّيَّتِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ كَالْهِنْدِيِّ (وَعِنْدِي عَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّ مَا خُصَّ مِنْ الْعَامِّ الْغَالِبِ، وَالْغَالِبُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ (وَالْأَقَلُّ تَخْصِيصًا) عَلَى الْأَكْثَرِ تَخْصِيصًا؛ لِأَنَّ الضَّعْفَ الْأَقَلَّ دُونَهُ فِي الْأَكْثَرِ (وَالِاقْتِضَاءُ عَلَى الْإِشَارَةِ وَالْإِيمَاءِ) ؛ لِأَنَّ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِالْأَوَّلِ مَقْصُودٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّدْقُ أَوْ الصِّحَّةُ وَبِالثَّالِثِ مَقْصُودٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَبِالثَّانِي غَيْرَ مَقْصُودٍ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ فِي مَحَلِّهِ فَيَكُونُ الْأَوَّلُ أَقْوَى.
(وَيُرَجَّحَانِ) أَيْ الْإِشَارَةُ وَالْإِيمَاءُ (عَلَى الْمَفْهُومَيْنِ) أَيْ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُخَالَفَةِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْأَوَّلَيْنِ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ بِخِلَافِ الْمَفْهُومَيْنِ (وَالْمُوَافَقَةُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ) لِضَعْفِ الثَّانِي بِالْخِلَافِ فِي حُجِّيَّتِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (وَقِيلَ عَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تُفِيدُ تَأْسِيسًا بِخِلَافِ الْمُوَافَقَةِ (وَالنَّاقِلُ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ عَلَى الْمُقَرِّرِ لَهُ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَصْلِ بِخِلَافِ الثَّانِي وَقِيلَ عَكْسُهُ بِأَنْ يُقَدَّرَ تَأْخِيرُ الْمُقَرِّرِ لِلْأَصْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» فَإِنَّهُ عَامٌّ مُخَرَّجٌ عَلَى سَبَبٍ وَهُوَ قَوْلُهُمْ أَنَبْدَأُ بِالصَّفَا أَمْ بِالْمَرْوَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا فِي السَّبَبِ أَيْ إلَّا فِي صُورَةِ السَّبَبِ أَيْ فَيُقَدَّمُ فِيهَا الْعُمُومُ ذُو السَّبَبِ عَلَى الْعُمُومِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: لِإِفَادَتِهِ لِلتَّعْلِيلِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَصْلُحُ لِلتَّعْلِيلِ نَحْوَ مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْكَلَامَ حَيْثُ صَلُحَ لَهُ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَمِلَانِهِ) أَيْ احْتِمَالًا قَرِيبًا (قَوْلُهُ: مَا خُصَّ مِنْ الْعَامِّ الْغَالِبُ) أَيْ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْعَامِّ التَّخْصِيصُ فَالْغَالِبُ خَبَرُ إنَّ (قَوْلُهُ: يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّدْقُ إلَخْ) نَحْوَ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْحَدِيثَ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْأَوَّلُ أَقْوَى) أَيْ دَلَالَةً وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الثَّالِثَ أَقْوَى مِنْ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِ) مَحَلُّ الْأَوَّلَيْنِ مَبْحَثُ الْمَنْطُوقِ وَمَحَلُّ الثَّالِثِ مَسَالِكُ الْعِلَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ فَلَا خِلَافَ فِي حُجِّيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي جِهَتِهَا خِلَافٌ هَلْ هِيَ لِكَوْنِ الدَّلَالَةِ قِيَاسِيَّةً أَوْ لِكَوْنِهَا لَفْظِيَّةً فُهِمَتْ مِنْ السِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ مَجَازِيَّةً أَوْ نُقِلَ اللَّفْظُ لَهَا عُرْفًا أَوْ لِكَوْنِهَا مَفْهُومِيَّةً عَلَى مَا مَرَّ فِي مَبْحَثِ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تُفِيدُ تَأْسِيسًا إلَخْ) قَالَ سم فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُفِيدُ التَّأْسِيسَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَا يُفِيدُهُ الْمُخَالَفَةَ مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ الْمَنْطُوقِ وَمَا يُفِيدُهُ الْمُوَافَقَةَ مُوَافِقٌ لَهُ، ثُمَّ رَأَيْت الْكُورَانِيَّ قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ كِلَا الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ قَبِيلِ التَّأْسِيسِ اهـ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُوَافَقَةَ تُفِيدُ تَأْكِيدًا بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ فَإِنَّ نَوْعَ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ فِيهَا وَاحِدٌ فَالنَّوْعُ الَّذِي أَفَادَهُ الْمَفْهُومُ هُوَ مَا أَفَادَهُ الْمَنْطُوقُ كَنَوْعِ الْإِتْلَافِ فِي {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] بِخِلَافِ الْمُخَالَفَةِ فَإِنَّ نَوْعَ الْمَنْطُوقِ غَيْرُ نَوْعِ الْمَفْهُومِ كَنَوْعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ نَوْعِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي الْمَعْلُوفَةِ فِي خَبَرِ «فِي السَّائِمَةِ زَكَاةٌ» وَأَظُنُّ هَذَا مُرَادَهُمْ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالنَّاقِلُ) أَيْ وَالدَّلِيلُ النَّاقِلُ عَنْ الْأَصْلِ كَأَنْ كَانَ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةَ فَدَلَّ هُوَ عَلَى الْحُرْمَةِ مَثَلًا فَنُقِلَ الشَّيْءُ مِنْ الْإِبَاحَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ إلَى الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ