فَحَمَلْنَا النِّسَاءَ فِيهِ عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ.

(وَالْمُتَقَدِّمُ فِيهِ ذِكْرُ الْعِلَّةِ عَلَى الْحُكْمِ) فَيُقَدَّمُ عَلَى عَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى ارْتِبَاطِ الْحُكْمِ بِالْعِلَّةِ مِنْ عَكْسِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ (وَعَكَسَ النَّقْشَوَانِيُّ) ذَلِكَ مُعْتَرِضًا عَلَى الْإِمَامِ قَائِلًا إنَّ الْحُكْمَ إذَا تَقَدَّمَ تَطْلُبُ نَفْسُ السَّامِعِ الْعِلَّةَ فَإِذَا سَمِعَتْهَا رَكَنَتْ إلَيْهَا، وَلَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا وَالْوَصْفُ إذَا تَقَدَّمَ تَطْلُبُ النَّفْسُ الْحُكْمَ فَإِذَا سَمِعَتْهُ قَدْ تَكْتَفِي فِي عِلَّتِهِ بِالْوَصْفِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كَانَ شَدِيدَ الْمُنَاسَبَةِ كَمَا فِي وَالسَّارِقُ الْآيَةَ وَقَدْ لَا تَكْتَفِي بِهِ بَلْ تَطْلُبُ عِلَّةً غَيْرَهُ كَمَا فِي {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6] الْآيَةَ فَيُقَالُ تَعْظِيمًا لِلْمَعْبُودِ.

(وَمَا كَانَ فِيهِ تَهْدِيدٌ أَوْ تَأْكِيدٌ) عَلَى الْخَالِي عَنْ ذَلِكَ مِثَالُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي دَاوُد صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» مَعَ حَدِيثِ مُسْلِمٍ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» (وَمَا كَانَ عُمُومًا مُطْلَقًا عَلَى) الْعُمُومِ (ذِي السَّبَبِ إلَّا فِي السَّبَبِ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ وَجْهٍ فَإِنْ خُصَّ عُمُومُ كُلٍّ بِخُصُوصِ الْآخَرِ تَعَارَضَا فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ مَعَ الْعِلَّةِ كَمَا فِي الْمِثَالِ أَعْنِي قَوْلَ الشَّارِحِ مِثَالُهُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» إلَخْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بِالنَّظَرِ لِمُجَرَّدِ مُقَابِلِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُقَابِلُهُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَعَارُضِ اثْنَيْنِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَلَيْسَ كَلَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَحَمَلْنَا النِّسَاءَ فِيهِ عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ) لَا يُقَالُ هَذَا جَمْعٌ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِغَيْرِ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَفِيهِ الْعَمَلُ بِهِمَا، وَالْكَلَامُ فِي التَّرْجِيحِ الَّذِي هُوَ إعْمَالُ أَحَدِهِمَا وَإِلْغَاءُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مَمْنُوعٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ عُمُومًا مِنْ وَجْهٍ وَلَوْ خَصَّصْنَا عُمُومَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِخُصُوصِ الْآخَرِ تَعَارَضَ فِي الْمُرْتَدَّةِ فَرَجَّحْنَا الْأَوَّلَ حَيْثُ حَكَمْنَا بِقَتْلِ الْمُرْتَدَّةِ الَّتِي دَلَّ الثَّانِي عَلَى مَنْعِ قَتْلِهَا، وَلَزِمَ مِنْ هَذَا التَّرْجِيحِ قَصْرُ الثَّانِي عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ فَقَدْ أَشَارَ بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ إلَى تَقْدِيمِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ فِي الْمُرْتَدَّاتِ الَّتِي تَعَارَضَا فِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعَارُضَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ إلَّا فِي الْمُرْتَدَّاتِ وَقَدْ أَلْغَيْنَا الثَّانِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَقَدْ أَعْمَلْنَا أَحَدَهُمَا وَأَلْغَيْنَا الْآخَرَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَعَارَضَا فِيهِ، وَذَلِكَ هُوَ حَقِيقَةُ التَّرْجِيحِ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: قَائِلًا إنَّ الْحُكْمَ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ الْوَصْفُ ظَاهِرَ الْمُنَاسَبَةِ رَكَنَتْ النَّفْسُ إلَيْهِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَإِلَّا لَمْ تَرْكَنْ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6] وَاغْسِلُوا إذَا قُمْتُمْ اهـ. سم

(قَوْلُهُ: فَيُقَالُ تَعْظِيمًا لِلْمَعْبُودِ) أَيْ فَلَمْ يَكْتَفِ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ بَلْ بَيَّنَ فِيهِ عِلَّةَ الْقِيَامِ لِطَلَبِ الْوُضُوءِ، وَأَنَّ فِي ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِلْمَعْبُودِ بِالْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَا كَانَ فِيهِ تَهْدِيدٌ) أَيْ يُرَجَّحُ عَنْ الْخَالِي عَنْهُ، وَكَذَا مَا كَانَ التَّهْدِيدُ فِيهِ أَكْثَرَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَأَكُّدِ الْحُكْمِ، وَقَدْ مَثَّلَ لِمَا فِيهِ التَّهْدِيدُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» فَهُوَ لِتَضَمُّنِهِ التَّهْدِيدَ مُقَدَّمٌ عَلَى أَحَادِيثِ التَّرْغِيبِ فِي صَوْمِ النَّفْلِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ تَقْدِيمِ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ أَوْ مُقَيَّدٍ عَلَى مُطْلَقٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَعَارِضَيْنِ قَدْ يُرَجَّحُ مِنْ وُجُوهٍ ثُمَّ إنَّ فُقَهَاءَنَا قَالُوا إنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَادَةً لَهُ أَوْ يَصِلَهُ بِمَا قَبْلَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فَرْعَانِ لَمْ أَرَ فِيهِمَا نَقْلًا أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَادَةٌ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَلَا مِمَّنْ كَانَتْ لَهُ عَادَةٌ مَا دَامَتْ لَهُ خُصُومَةٌ بِمَا إذَا ثَبَتَتْ الْعَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ أَجِدْهُ مَسْطُورًا، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُلَوِّحُ بِثُبُوتِهَا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَهَّدَ مِنْهُ الْهَدِيَّةَ وَالْعَهْدُ صَادِقٌ بِمَرَّةٍ، وَالثَّانِي أَنَّهُمْ حَرَّمُوا صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةً لَهُ كَمَا إذَا كَانَ يَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ مَثَلًا فَصَادَفَ يَوْمُ الشَّكِّ أَحَدَهُمَا أَوْ يَصِلَهُ بِمَا قَبْلَهُ بِمَا إذَا تَثْبُتُ الْعَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ أَجِدْهُ، وَكَذَا فِي الصِّيَامِ بَعْدَ انْتِصَافِ شَعْبَانَ اهـ.

قَوْلُهُ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» يَدُلُّ بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ عَلَى تَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا وَإِنْ احْتَمَلَ تَأْوِيلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا الصَّرِيحِ بِخِلَافِ الْبِكْرِ فَإِنَّ سُكُوتَهَا كَافٍ فَعَلَى تَقْدِيرِ دَلَالَتِهِ عَلَى تَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّكْرَارِ الدَّالِّ عَلَى تَقْوِيَةِ الْحُكْمِ وَتَأْكِيدِهِ، وَالْأَيِّمُ هِيَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا (قَوْلُهُ: عَلَى ذِي السَّبَبِ) كَمَا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015