لِرَاوِيهِ وَهُوَ شَيْخُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا أَنْكَرَهُ شَيْخُ رَاوِيهِ بِأَنْ قَالَ مَا رَوَيْته؛ لِأَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الْأَوَّلِ أَقْوَى.
(وَكَوْنِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الصَّحِيحِ فِي غَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ عَلَى شَرْطِهِمَا لِتَلَقِّي الْأُمَّةِ لَهُمَا بِالْقَبُولِ.
(وَالْقَوْلُ فَالْفِعْلُ فَالتَّقْرِيرُ) فَيُقَدَّمُ الْخَبَرُ النَّاقِلُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّاقِلِ لِفِعْلِهِ وَالنَّاقِلُ لِفِعْلِهِ عَلَى النَّاقِلِ لِتَقْرِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّشْرِيعِ مِنْ الْفِعْلِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ التَّقْرِيرِ، (وَالْفَصِيحُ) عَلَى غَيْرِهِ لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ إلَى غَيْرِهِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَرْوِيًّا بِالْمَعْنَى (لَا زَائِدَ الْفَصَاحَةِ) فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْفَصِيحِ (عَلَى الْأَصَحِّ) ، وَقِيلَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْصَحُ الْعَرَبِ فَيَبْعُدُ نُطْقُهُ بِغَيْرِ الْأَفْصَحِ فَيَكُونُ مَرْوِيًّا بِالْمَعْنَى فَيَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْخَلَلُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي نُطْقِهِ بِغَيْرِ الْأَفْصَحِ لَا سِيَّمَا إذَا خَاطَبَ بِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ غَيْرَهُ، وَقَدْ كَانَ يُخَاطِبُ الْعَرَبَ بِلُغَاتِهِمْ.
(وَالْمُشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَةٍ) فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ كَخَبَرِ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدِ سَبْعًا مَعَ خَبَرِ التَّكْبِيرِ فِيهِ أَرْبَعًا رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَأَخَذَ بِالثَّانِي الْحَنَفِيَّةُ تَقْدِيمًا لِلْأَقَلِّ، وَالْأَوْلَى مِنْهُ لِلِافْتِتَاحِ (وَالْوَارِدُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ) ؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ بِغَيْرِ لُغَتِهِمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَرْوِيًّا بِالْمَعْنَى فَيَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْخَلَلُ، (وَالْمَدَنِيُّ) عَلَى الْمَكِّيِّ لِتَأَخُّرِهِ عَنْهُ، وَالْمَدَنِيُّ مَا وَرَدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَالْمَكِّيُّ قَبْلَهَا (وَالْمُشْعِرُ بِعُلُوِّ شَأْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِتَأَخُّرِهِ عَمَّا لَمْ يُشْعِرُ بِذَلِكَ (وَالْمَذْكُورُ فِيهِ الْحُكْمُ مَعَ الْعِلَّةِ) عَلَى مَا فِيهِ الْحُكْمُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى فِي الِاهْتِمَامِ بِالْحُكْمِ مِنْ الثَّانِي مِثَالُهُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» مَعَ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» نِيطَ الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ بِوَصْفِ الرِّدَّةِ الْمُنَاسِبِ وَلَا وَصْفِ فِي الثَّانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخَصُّ مِنْهُ لِصِدْقِ الرَّاوِي بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: لِرَاوِيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَصْلِ وَالضَّمِيرُ لِلْخَبَرِ فَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ الْأَصْلُ شَيْخُهُ أَيْ الرَّاوِي وَقَوْلُهُ مُقَدَّمٌ خَبَرُ إنَّ.
(قَوْلُهُ: وَكَوْنِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ) أَيْ فَيُرَجَّحُ مَا فِيهِمَا عَلَى مَا فِي غَيْرِهِمَا وَعَلَى مَا فِي أَحَدِهِمَا، وَكَذَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَلَى مَا فِي مُسْلِمٍ ثُمَّ مَا كَانَ عَلَى شَرْطِهِمَا ثُمَّ مَا كَانَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ هُنَا الرِّجَالُ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْهُمْ.
(قَوْلُهُ: خَبَرُ النَّاقِلِ) أَيْ خَبَرُ الرَّاوِي النَّاقِلِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّاقِلِ لِفِعْلِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَوْلَ أَقْوَى) أَيْ لِاحْتِمَالِ الْفِعْلِ الِاخْتِصَاصَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا وَجَّهَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَغَيْرِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ قَوْلٍ أَقْوَى بَلْ الَّذِي انْتَفَى عَنْهُ هَذَا الِاحْتِمَالُ وَنَحْوُهُ فَلَا يُرَدُّ قَوْلُهُمْ أَنَّ الْإِحْرَامَ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنْ التَّنْعِيمِ تَقْدِيمًا لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى أَمْرِهِ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَلَيْسَ أَقْوَى مِنْ فِعْلِهِ بَلْ هُوَ دُونَهُ كَمَا قَالُوا الِاحْتِمَالُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهَا بِذَلِكَ لِضِيقِ الْوَقْتِ لَا؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَقَدْ حَمَلَ الْفُقَهَاءُ أَمْرَهُ لَهَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْفُرُوعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْفِعْلِ) وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْكَيْفِيَّاتِ (قَوْلُهُ: وَالْفَصِيحُ عَلَى غَيْرِهِ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي صُدُورَ غَيْرِ الْفَصِيحِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يَصْدُرُ عَلَى وَجْهِ التَّنْزِيلِ لِمَنْ لُغَتُهُ ذَلِكَ وَبِأَنَّ الْفَصِيحَ اقْتَرَنَ بِالْعَلَامَةِ عَلَى كَوْنِهِ لَفْظَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِكَوْنِهِ مَرْوِيًّا بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: لَا بُعْدَ فِي نُطْقِهِ بِغَيْرِ الْأَفْصَحِ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْفَصِيحِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَةٍ) هُوَ مِنْ قَبِيلِ تَقْدِيمِ الْمُثْبِتِ عَلَى النَّافِي؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ فَيُقَدَّمُ خَبَرُهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى مِنْهُ لِلِافْتِتَاحِ) كَانَ يَنْبَغِي زِيَادَةٌ، وَالرَّابِعَةُ لِلرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَاعْتَذَرَ عَنْ وَاحِدٍ وَتَرَكَ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: مَا وَرَدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَكِّيُّ قَبْلَهَا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: بِعُلُوِّ شَأْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ؛ لِأَنَّ عُلُوَّ شَأْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَجَدَّدُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَمَا أَشْعَرَ بِأَنَّ شَأْنَهُ أَعْلَى فَهُوَ الْمُتَأَخِّرُ، وَلِأَنَّ عُلُوَّ شَأْنِهِ وَإِظْهَارَ دِينِهِ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا كَانَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: وَالْمَذْكُورُ فِيهِ الْحُكْمُ إلَخْ) قَالَ سم وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَالنَّهْيُ عَلَى الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا