قَدْ يَشْتَبِهُ فَيُطْلَبُ دَلِيلُهُ لِيُنْظَرَ فِيهِ
(وَيَجِبُ الْأَخْذُ بِأَقَلّ الْمَقُولِ وَقَدْ مَرَّ) فِي الْإِجْمَاعِ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ وَأَنَّ التَّمَسُّكَ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ حَقٌّ (وَهَلْ يَجِبُ) الْأَخْذُ (بِالْأَخَفِّ) فِي شَيْءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: 185] (أَوْ الْأَثْقَلِ) فِيهِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ ثَوَابًا وَأَحْوَطُ (أَوْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ) مِنْهُمَا بَلْ يَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ هَذِهِ (أَقْوَالٌ) أَقْرَبُهَا الثَّالِثُ
(مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفُوا) أَيْ الْعُلَمَاءُ (هَلْ كَانَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَعَبَّدًا)) بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ مُكَلَّفًا (قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِشَرْعٍ) فَمِنْهُمْ مَنْ نَفَى ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ (وَاخْتَلَفَ الْمُثْبِتُ) فِي تَعْيِينِ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ (فَقِيلَ) هُوَ (نُوحٌ وَ) قِيلَ (إبْرَاهِيمُ وَ) قِيلَ (مُوسَى وَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَدْ يَشْتَبِهُ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعِي
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْأَخْذُ إلَخْ) وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْآخِذَ بِالْأَقَلِّ نَافٍ لِمَا زَادَ بِالْأَصْلِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي لِثُبُوتِ النَّفْيِ بِالْأَصْلِ فِي بَعْضِ أَقْوَالِهِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) وَأَعَادَ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَهَلْ يَجِبُ إلَخْ فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ ثَوَابًا) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَطَّ الْعِلَّةِ قَوْلُهُ وَأَحْوَطُ (قَوْلُهُ: أَقْرَبُهَا الثَّالِثُ) مَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا تَعَارَضَتْ فِيهِ الِاحْتِمَالَاتُ النَّاشِئَةُ عَنْ الْأَمَارَاتِ الْمُتَعَارِضَةِ أَوْ تَعَارَضَتْ فِيهِ مَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ أَمَّا مَا تَعَارَضَتْ فِيهِ أَخْبَارُ الرُّوَاةِ فَسَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةٍ يُرَجَّحُ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ أَنَّهُ يَرْجِعُ النَّهْيُ عَلَى الْأَمْرِ وَالْأَمْرُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَخَبَرُ الْحَظْرِ عَلَى خَبَرِ الْإِبَاحَةِ قَالَهُ زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: اخْتَلَفُوا) مَحَلُّ اخْتِلَافِهِمْ فِي فُرُوعٍ اخْتَلَفَتْ فِيهَا الشَّرَائِعُ أَمَّا الْأُصُولُ الَّتِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ كَالتَّوْحِيدِ وَمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ فَلَا خِلَافَ فِي التَّعَبُّدِ بِهَا لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ لِأَنَّ دِينَهُمْ وَاحِدٌ اهـ. زَكَرِيَّا.
وَفِي الْبُرْهَانِ أَنَّ هَذَا يَعْنِي الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ وَتَرْجِعُ عَائِدَتُهُ وَفَائِدَتُهُ إلَى مَا يَجْرِي مَجْرَى التَّوَارِيخِ وَلَكِنَّ مَأْخَذَ الْأُصُولِ مَا سَنُبَيِّنُ الْآنَ ثُمَّ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ اهـ. وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْمَعَالِمِ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِهَذَا الْخِلَافِ ثَمَرَةٌ.
قَالَ شَرَفُ الدِّينِ بْنُ التِّلِمْسَانِيِّ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ثَمَرَتُهُ أَنَّا إذَا قُلْنَا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا ثُمَّ لَمْ نَجِدْ فِي شَرْعِنَا مُغَيِّرًا فَيَكُونُ الرُّجُوعُ إلَى شَرْعِ ذَلِكَ الرَّسُولِ الَّذِي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ مُتَّبِعًا لَهُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ التَّأَسِّي عَلَى الْجُمْلَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْبَاءِ) وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ التَّنْقِيحِ لِلْعِرَاقِيِّ أَنَّ الْمُخْتَارَ كَسْرُ الْبَاءِ لِأَنَّ فَتْحَهَا يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَعَبَّدَهُ بِشَرِيعَةٍ سَابِقَةٍ وَذَلِكَ يَأْبَاهُ حِكَايَتُهُمْ الْخِلَافَ هَلْ كَانَ مُتَعَبَّدًا قَبْلَ النُّبُوَّةِ اهـ. خَالِدٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ نَفْيِ ذَلِكَ) وَأَنَّهُ كَانَ يَتَعَبَّدُ بِإِلْهَامٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ اتِّبَاعِ مَنْ تَعَبَّدَ بِشَرْعِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِوَاسِطَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي تَعْيِينِ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا فَشَرْعُ اللَّهِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: فَقِيلَ هُوَ نُوحٌ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ شَرْعُ نُوحٍ إلَخْ لِأَجْلِ صِحَّةِ عَطْفِ قَوْلِهِ وَقِيلَ مَا ثَبَتَ