(حَيْثُ اتَّفَقَ الْمُعْتَبَرُونَ) عَلَى أَنَّهُ إجْمَاعٌ كَأَنْ صَرَّحَ كُلٌّ مِنْ الْمُجْمِعِينَ بِالْحُكْمِ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشِذَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ لِإِحَالَةِ الْعَادَةِ خَطَأَهُمْ جُمْلَةً (لَا حَيْثُ اخْتَلَفُوا) فِي ذَلِكَ (كَالسُّكُوتِيُّ وَمَا نَدَرَ مُخَالِفُهُ) فَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مُحْتَجٌّ بِهِ ظَنِّيٌّ لِلْخِلَافِ فِيهِ (وَقَالَ الْإِمَامُ) الرَّازِيّ (وَالْآمِدِيُّ) إنَّهُ (ظَنِّيٌّ مُطْلَقًا) لِأَنَّ الْمُجْمِعِينَ عَنْ ظَنٍّ لَا يَسْتَحِيلُ خَطَؤُهُمْ وَالْإِجْمَاعُ عَنْ قَطْعٍ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ

(وَخَرْقُهُ) بِالْمُخَالَفَةِ (حَرَامٌ) لِلتَّوَعُّدِ عَلَيْهِ حَيْثُ تَوَعَّدَ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ (فَعُلِمَ تَحْرِيمُ إحْدَاثِ) قَوْلٍ (ثَالِثٍ) فِي مَسْأَلَةٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ عَصْرٍ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ (وَ) إحْدَاثِ (التَّفْصِيلِ) بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا أَهْلُ عَصْرٍ (إنْ خَرَقَاهُ) أَيْ إنْ خَرَقَ الثَّالِثُ وَالتَّفْصِيلُ الْإِجْمَاعَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَبْدِيلُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يُنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ يَجُوزُ تَبْدِيلُهُ كَمَا إذَا أَجْمَعَ الْقَرْنُ الثَّانِي عَلَى حُكْمٍ يُرْوَى فِيهِ خِلَافٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ثُمَّ أَجْمَعُوا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ أَجْمَعَ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى خِلَافِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِجَوَازِ أَنْ تَنْتَهِيَ مُدَّةُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْإِجْمَاعِ فَيُوَفِّقُ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْإِجْمَاعِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ، وَمَا يُقَالُ إنَّ انْقِطَاعَ الْوَحْيِ يُوجِبُ امْتِنَاعَ النَّسْخِ فَمُخْتَصٌّ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَحْيِ، وَالْإِجْمَاعُ لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ اتَّفَقَ إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَيْثُ مُسْتَعَارَةً لِلزَّمَانِ أَيْ إذَا اتَّفَقَ الْمُعْتَبَرُونَ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِلْمَكَانِ أَيْ أَنَّهُ قَطْعِيٌّ فِي مَكَان اتَّفَقَ إلَخْ وَيُرَادُ بِالْمَكَانِ الْمَكَانُ الْمَجَازِيُّ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ (قَوْلُهُ: الْمُعْتَبَرُونَ) أَيْ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْبَاحِثِينَ عَنْ الْإِجْمَاعِ الْقَائِلِينَ بِحُجِّيَّتِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُعْلَمَ صُدُورُ ذَلِكَ عَنْهُمْ قَطْعًا بِسَمَاعٍ مِنْهُمْ أَوْ نَقْلٍ عَنْهُمْ بِطَرِيقٍ مُفِيدٍ لِلْعِلْمِ كَالتَّوَاتُرِ

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إجْمَاعٌ) الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الِاتِّفَاقِ فَلَيْسَ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ صَرَّحَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُصَرِّحُ بَعْضٌ وَقَامَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ مِنْ الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِهِ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: كَالسُّكُوتِيِّ) أَيْ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَإِلَّا كَانَ كَالصَّرِيحِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُحْتَجٌّ بِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ إجْمَاعٍ حُجَّةٌ وَلَا عَكْسَ (قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِ فِيهِ) أَيْ خِلَافِ الْمُعْتَبَرِينَ (قَوْلُهُ: ظَنِّيٌّ مُطْلَقًا) أَيْ اتَّفَقَ الْمُعْتَبَرُونَ عَلَى أَنَّهُ إجْمَاعٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَا يَسْتَحِيلُ) أَيْ عَقْلًا وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَخَرْقُهُ حَرَامٌ) أَيْ مِنْ الْكَبَائِرِ لِلتَّوَعُّدِ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ، ثُمَّ ظَاهِرُهُ شُمُولُ الْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ مَعَ أَنَّ الظَّنِّيَّاتِ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا لِدَلِيلٍ فَأَمَّا أَنْ يَبْقَى كَلَامُهُ عَلَى عُمُومِهِ وَيُرَادُ أَنَّ خَرْقَهُ لِغَيْرِ دَلِيلٍ حَرَامٌ أَوْ يَخُصُّ بِالْقَطْعِيِّ أَيْ وَخَرْقُ الْقَطْعِيِّ مِنْهُ حَرَامٌ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ فَشَا فِي لِسَانِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ خَارِقَ الْإِجْمَاعِ يَكْفُرُ فَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا فَإِنَّ مَنْ يُنْكِرُ أَصْلَ الْإِجْمَاعِ لَا يَكْفُرُ وَالْقَوْلُ بِالتَّكْفِيرِ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ اهـ.

(قَوْلُهُ إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ فِي مَسْأَلَةٍ) وَفَّقَ الْقَرَافِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إحْدَاثِ التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ مَحَلَّ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ مُتَّحِدٌ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مُتَعَدِّدٌ فَسَقَطَ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَإِحْدَاثُ التَّفْصِيلِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَقُولُ لَمَّا كَانَ الْمُفَصَّلُ مُوَافِقًا لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي شِقٍّ كَانَ جَوَازُهُ مُطْلَقَ مَظِنَّةِ التَّوَهُّمِ الْقَوِيِّ وَاحْتَاجَ الْمُصَنِّفُ إلَى التَّصْرِيحِ دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ اهـ. سم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015