النَّسْخُ لِلنَّصِّ (بِالْقِيَاسِ) لِاسْتِنَادِهِ إلَى النَّصِّ فَكَأَنَّهُ النَّاسِخُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ حَذَرًا مِنْ تَقْدِيمِ الْقِيَاسِ عَلَى النَّصِّ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ (وَثَالِثُهَا) يَجُوزُ (إنْ كَانَ) الْقِيَاسُ (جَلِيًّا) بِخِلَافِ الْخَفِيِّ لِضَعْفِهِ (وَالرَّابِعُ) يَجُوزُ (إنْ كَانَ) الْقِيَاسُ (فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ (وَالسَّلَامُ وَالْعِلَّةُ مَنْصُوصَةٌ) بِخِلَافِ مَا عِلَّتُهُ مُسْتَنْبَطَةٌ لِضَعْفِهِ وَمَا وُجِدَ بِعُذْرٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِانْتِفَاءِ النَّسْخِ حِينَئِذٍ قُلْنَا تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ مُخَالِفَهُ كَانَ مَنْسُوخًا.

(وَ) يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ (نَسْخُ الْقِيَاسِ) الْمَوْجُودِ (فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) بِنَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ نَسْخُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى نَصٍّ فَيَدُومُ بِدَوَامِهِ، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ لُزُومَ دَوَامِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُ دَوَامُ حُكْمِ النَّصِّ بِأَنْ يُنْسَخَ (وَشَرْطُ نَاسِخِهِ إنْ كَانَ قِيَاسًا أَنْ يَكُونَ أَجْلَى) مِنْهُ (وِفَاقًا لِلْإِمَامِ) الرَّازِيّ وَخِلَافًا لِلْآمِدِيِّ فِي اكْتِفَائِهِ بِالْمُسَاوِي فَلَا يَكْفِي الْأَدْوَنُ جَزْمًا لِانْتِفَاءِ الْمُقَاوَمَةِ، وَلَا الْمُسَاوِي لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الْآمِدِيُّ: تَأَخُّرُ نَصِّهِ مُرَجَّحٌ؛ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَأَخُّرِ نَصِّ الْقِيَاسِ النَّاسِخِ عَنْ نَصِّ الْقِيَاسِ الْمَنْسُوخِ بِهِ وَعَنْ النَّصِّ الْمَنْسُوخِ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى.

(وَ) يَجُوزُ (نَسْخُ الْفَحْوَى) أَيْ مَفْهُومِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَوَازَ الْعَقْلِيَّ فَهُوَ قَلِيلُ الْجَدْوَى، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْهُ شَرْعًا فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ عَدَمُ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِنَادِهِ إلَى النَّصِّ إلَخْ) وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ ارْتِبَاطَ الْقِيَاسِ بِمُسْتَنَدِهِ أَشَدُّ فَإِنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِعِلَّتِهِ حَتَّى كَأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ أَصْلٌ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلًا لَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ مِنْ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ: لِضَعْفِهِ) بِإِمْكَانِ أَنَّ الْعِلَّةَ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: قُلْنَا) أَيْ مِنْ طَرَفِ الْمُجَوِّزِ (قَوْلُهُ: يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ مُخَالَفَةَ إلَخْ) هَذَا رُجُوعٌ لِنَظِيرِ الْكَلَامِ السَّابِقِ فِي الْإِجْمَاعِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ: إنَّ الْقِيَاسَ لَمَّا اسْتَنَدَ إلَى النَّاسِخِ اسْتِنَادًا قَوِيًّا صَارَ كَأَنَّهُ هُوَ (قَوْلُهُ: كَانَ مَنْسُوخًا) لَا أَنَّ النَّسْخَ وُجِدَ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(قَوْلُهُ: الْمَوْجُودُ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِنَصٍّ) مِثَالُ نَسْخِ الْقِيَاسِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّصِّ مَا لَوْ قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُفَاضَلَةُ فِي الْبُرِّ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ فَقِسْنَا عَلَيْهِ حُرْمَةَ بَيْعِ الْأَرُزِّ بِالْأَرُزِّ مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ أَيْضًا، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: بِيعُوا الْأَرُزَّ بِالْأَرُزِّ مُتَفَاضِلًا كَانَ هَذَا النَّصُّ نَاسِخًا لِقِيَاسِ الْأَرُزِّ عَلَى الْبُرّ فِي الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ السَّابِقِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قِيَاسٌ مِثَالُهُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْقِيَاسِ الْمُسْتَنِدِ إلَى النَّصِّ الْأَوَّلِ نَصٌّ بِجَوَازِ بَيْعِ الذُّرَةِ بِالذُّرَةِ مُتَفَاضِلًا فَيُقَاسُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْأَرُزِّ بِالْأَرُزِّ مُتَفَاضِلًا فَهَذَا الْقِيَاسُ نَاسِخٌ لِذَلِكَ الْقِيَاسِ، وَتَوْضِيحُهُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ: الْمُفَاضَلَةُ فِي الْبُرِّ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ ثُمَّ قِسْنَا عَلَى هَذَا النَّصِّ حُرْمَةَ بَيْعِ الْأَرُزِّ بِالْأَرُزِّ مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ أَيْضًا ثُمَّ أَتَى نَصٌّ آخَرُ فَقَالَ يَجُوزُ بَيْعُ الذُّرَةِ مُتَفَاضِلًا فَقِسْنَا عَلَيْهِ جَوَازَ بَيْعِ الْأَرُزِّ بِالْأَرُزِّ مُتَفَاضِلًا فَهَذَا الْقِيَاسُ الثَّانِي نَاسِخُ الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْأَمْثِلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى فَرْضِ صِحَّتِهَا (قَوْلُهُ: لَا نُسَلِّمُ لُزُومَ دَوَامِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ بِدَوَامِ النَّصِّ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ نَاسِخِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ الْمَوْجُودِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَ أَيْ نَاسِخُهُ قِيَاسًا أَنْ يَكُونَ أَجْلَى مِنْهُ أَيْ مِنْ الْقِيَاسِ الْمَنْسُوخِ بِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا بُدَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ مَوْجُودٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015