بِالْفِعْلِ (بِخِطَابٍ) فَخَرَجَ بِالشَّرْعِيِّ أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ الشَّرْعِ رَفْعُ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْعَقْلِ، وَبِخِطَابٍ الرَّفْعُ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ وَالْغَفْلَةِ، وَكَذَا بِالْعَقْلِ وَالْإِجْمَاعِ وَذَكَرَهُمَا لِيُنَبِّهَ عَلَى مَا فِيهِمَا بِقَوْلِهِ (فَلَا نَسْخَ بِالْعَقْلِ وَقَوْلُ الْإِمَامِ) الرَّازِيّ (مَنْ نُسِخَ رِجْلَاهُ نُسِخَ غَسْلُهُمَا) فِي طَهَارَتِهِ (مَدْخُولٌ) أَيْ فِيهِ دَخْلٌ أَيْ عَيْبٌ حَيْثُ جَعَلَ رَفْعَ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْعَقْلِ لِسُقُوطِ مَحَلِّهِ نَسْخًا فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلِاصْطِلَاحِ وَكَوْنُهُ تَوَسَّعَ فِيهِ (وَلَا) نَسْخَ (بِالْإِجْمَاعِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْعَقِدُ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَيَأْتِي؛ إذْ فِي حَيَاتِهِ الْحُجَّةُ فِي قَوْلِهِ: دُونَهُمْ وَلَا نَسْخَ بَعْدَ وَفَاتِهِ (وَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأُطْلِقَ الْحُكْمُ فِي كَلَامِهِمْ فَالْمُرَادُ بِهِ خِطَابُ اللَّهِ فَالْأَحْسَنُ مَا أَجَابَ بِهِ فِي الْحَاشِيَةِ بِأَنَّ تَقْيِيدَ الْحُكْمِ بِالشَّرْعِيِّ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخِطَابُ وَأَنَّهُ غَيْرُ شَامِلٍ لِلْإِبَاحَةِ وَهُوَ مَعْنَى إخْرَاجِهَا بِهِ فَإِنَّ الْقُيُودَ تُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَيَّدِ مَا عَدَا مَا انْتَفَتْ عَنْهُ تِلْكَ الْقُيُودُ فَإِنْ أَرَادَ بِكَوْنِهِ أَدْرَجَهَا الْحُكْمُ وَأَخْرَجَهَا بِالشَّرْعِيِّ أَنَّهَا مَعَ التَّقْيِيدِ بِالشَّرْعِيِّ مُرَادَةٌ مِنْهُ أَيْضًا فَهُوَ وَهَمٌ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي التَّقْيِيدَ بِالشَّرْعِيِّ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُرَادَةٍ وَلَوْلَاهُ لَفُهِمَ إرَادَتُهَا مِنْهُ فَقَوْلُهُ: يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: بِالْفِعْلِ) أَيْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ أَوْ الْمُرَادُ التَّعْلِيقُ التَّنْجِيزِيُّ (قَوْلُهُ: بِخِطَابٍ إلَخْ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِالنَّسْخِ بِالْفِعْلِ كَنَسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ بِأَكْلِ الشَّاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْفِعْلَ نَفْسَهُ غَيْرُ نَاسِخٍ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخٍ سَابِقٍ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُحَقِّقَ التَّفْتَازَانِيَّ وَجَمَاعَةً جَعَلُوهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَدِلَّةِ النَّاسِخَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي حَاشِيَةِ التَّلْوِيحِ فَإِنَّهُ قَالَ وَذَكَرَ الدَّلِيلَ لِيَشْمَلَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ قَوْلًا وَفِعْلًا وَغَيْرَ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ النَّسْخَ الْمُعَرَّفَ بِالْخِطَابِ هُوَ بِمَعْنَى النَّاسِخِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الرَّفْعُ وَالْمُرَادُ بِالْخِطَابِ أَعْلَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا فَيَشْمَلُ الْفِعْلَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَأْخُوذِ إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِلنِّسْبَةِ
(قَوْلُهُ: رَفْعُ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ) كَرَفْعِ إبَاحَةِ فِطْرِ رَمَضَانَ بِإِيجَابِ صَوْمِهِ (قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَقْلِ) أَيْ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهَا أَوْ مِنْ الْعَقْلِ الْمُسْتَنِدِ لِلشَّرْعِ لَا اسْتِقْلَالًا حَتَّى يَلْزَمَ أَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِالْعَقْلِ) أَيْ فِيمَا عُلِمَ سُقُوطُهُ بِالْعَقْلِ وَإِنَّمَا فَصَّلَهُ بِكَذَا لِقَوْلِهِ وَذَكَرَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُمَا) أَيْ الْعَقْلَ وَالْإِجْمَاعَ أَيْ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِمَّا خَرَجَ بِقَوْلِهِ: خِطَابٍ، وَقَوْلُهُ بِقَوْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِذِكْرٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْإِمَامِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَدْخُولٌ وَقَوْلُهُ سَقَطَ رِجْلَاهُ أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِيهِ دَخْلٌ) بِسُكُونِ الْخَاءِ وَفَتْحِهَا الْعَيْبُ وَالرِّيبَةُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ} [النحل: 94] أَيْ مَكْرًا وَخَدِيعَةً اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ إلَخْ) الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ حَيْثِيَّةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ تَوَسَّعَ فِيهِ) أَيْ فِي النَّسْخِ حَيْثُ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ الرَّفْعِ وَهُوَ اعْتِذَارٌ عَنْ الْإِمَامِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِمَا يُفِيدُ الْجَزْمَ؛ لِأَنَّ مَقَامَ الْإِمَامِ يَنْبُو عَنْ عَدَمِ مَعْرِفَةِ اصْطِلَاحِ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْعَقِدُ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُسْتَنَدٍ فَالْفَاسِدُ هُوَ الْمُسْتَنَدُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَوَّى ذَلِكَ الْمُسْتَنَدَ بِحَيْثُ أَخْرَجَهُ مِنْ الظَّنِّ إلَى الْيَقِينِ (قَوْلُهُ: دُونَهُمْ) أَيْ دُونَ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَسْخَ بَعْدَ وَفَاتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَنْسَخُ، وَلَا يُنْسَخُ فَإِنْ قُلْت: قَدْ سَقَطَ نَصِيبُ الْمُؤَلَّفَةِ بِالْإِجْمَاعِ الْمُنْعَقِدِ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَحَجْبُ الْأُمِّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِالْأَخَوَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ دَلَالَةِ النَّصِّ عَلَى أَنَّهَا تُحْجَبُ بِالْإِخْوَةِ دُونَ الْأَخَوَيْنِ، قُلْنَا: نَصِيبُ الْمُؤَلَّفَةِ سَقَطَ بِسُقُوطِ سَبَبِهِ لَا لِوُرُودِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ عَلَى ارْتِفَاعِهِ، وَدَلَالَةُ النَّصِّ عَلَى عَدَمِ الْحَجْبِ بِالْأَخَوَيْنِ يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ الْمَفْهُومِ حُجَّةً وَكَوْنِ أَقَلِّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةً، وَلَا قَطْعَ بِذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّلْوِيحِ