وَآلِهِ.
هَذَا مَا اشْتَدَّتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالنِّعْمَةِ الْمَطْلُوبِ فِي مَقَامِ الْحَمْدِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ إنَّ الْحَمْدَ هُوَ إظْهَارُ صِفَةِ الْكَمَالِ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالنِّسْبَةِ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ وَيَكُونُ تَعْلِيلًا لِلْحُكْمِ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ لَا الْحُكْمَ بِمَعْنَى الْإِيقَاعِ فَإِنَّهُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْحَاكِمِ إذْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إذْعَانِ النِّسْبَةِ وَلَا دَلَالَةَ لِلَفْظِ الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ خَبَرِ الشَّاكِّ فَإِنَّهُ لَا حُكْمَ فِيهِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَجَوَّزَ الْحَوَاشِي فِي تَعْلِيقِ الظَّرْفِ وُجُوهًا مِنْهَا أَنَّهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَمْدِ وَأَوْرَدُوا عَلَيْهِ لُزُومَ الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَصْدَرِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَعْمُولَاتِهِ إلَّا أَنْ يُغْتَفَرَ ذَلِكَ فِي الظُّرُوفِ لِكَثْرَةِ تَوَسُّعِهِمْ فِيهَا وَأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِخْبَارِ حِينَئِذٍ إذْ الْمَعْنَى عَلَيْهِ الْحَمْدُ عَلَى أَفْضَالِ اللَّهِ ثَابِتٌ لِلَّهِ وَثُبُوتُ الْحَمْدِ عَلَى أَفْضَالِ اللَّهِ لِلَّهِ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ إلَّا أَنْ يُلَاحَظَ الْمُضَافُ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ.
وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ عَمَلَ الْمَصْدَرِ الْمُعَرَّفِ " بِأَلْ " قَلِيلٌ حَتَّى قَالَ الْجَامِيُّ وَلَمْ يَأْتِ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ مِنْ الْمَصَادِرِ الْمُعَرَّفَةِ بِاللَّامِ عَامِلًا فِي فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ صَرِيحٍ بَلْ قَدْ جَاءَ عَامِلًا بِحَرْفِ الْجَرِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 148] وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَصْدَرَ إنَّمَا عَمِلَ؛ لِأَنَّهُ فِي تَقْدِيرِ انْحِلَالِهِ إلَى " أَنْ وَالْفِعْلِ " فَكَمَا لَا تَدْخُلُ لَامُ التَّعْرِيفِ عَلَى أَنْ مَعَ الْفِعْلِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُقَدَّرِ بِهِ وَبِهَذِهِ الْعِلَّةِ يَظْهَرُ لَك وَجْهُ قَوْلِهِمْ أَنَّ فِيهِ إخْبَارًا عَنْ الْمَصْدَرِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَعْمُولَاتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إخْبَارٍ عَنْ الْمَوْصُولِ قَبْلَ تَمَامِ صِلَتِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِمْ أَيْضًا فِي عِلَّةِ الِامْتِنَاعِ إنَّ فِيهِ الْفَصْلَ بَيْنَ الْعَامِلِ وَمَعْمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ مَعْمُولٌ لِلْمَصْدَرِ فَهُوَ مِنْ بَقِيَّةِ الصِّلَةِ وَالْخَبَرُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا وَظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا أَيْضًا ضَعْفُ تَجْوِيزِهِمْ أَنْ يَكُونَ الظَّرْفُ خَبَرَ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ حَمْدِي؛ لِأَنَّ فِيهِ عَمَلَ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا وَعِلَّتُهُ مَا ذَكَرْنَا فَيَرْجِعُ لِحَذْفِ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ مَعَ بَقَاءِ مُتَعَلِّقِ الصِّلَةِ تَأَمَّلْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِخْبَارِ إلَخْ فَمُنْدَفِعٌ بِجَعْلِ الْجُمْلَةِ إنْشَائِيَّةً كَمَا بَيَّنَّا وَعَلَى تَقْدِيرِ خَبَرِيَّتِهَا يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا إخْبَارُ أَحَدٍ بَلْ قُصِدَ بِهَا تَحْصِيلُ الْحَمْدِ كَبَقِيَّةِ صِيَغِ الْأَذْكَارِ وَالتَّنْزِيهَاتِ وَكَيْفَ لَا وَمَنْ الَّذِي قُصِدَ إخْبَارُهُ حَتَّى تَكُونَ الْإِفَادَةُ لَهُ وَلَوْ فُرِضَ مُخَاطَبٌ قُصِدَ إخْبَارُهُ لَكَانَ الْإِخْبَارُ بِهِ بِقَوْلِنَا السَّمَاءُ فَوْقَنَا وَنَقَلَ يَاسِينُ فِي حَوَاشِي الصُّغْرَى عَنْ الْعَلَّامَةِ عَلَاءِ الدِّينِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْجُمَلَ الْخَبَرِيَّةَ لَا يَلْزَمُهَا الْإِخْبَارُ بَلْ قَدْ تَكُونُ لِلتَّحَسُّرِ وَالتَّحَزُّنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ وَالتَّحْمِيدُ فَيَكُونُ قَائِلُهَا حَامِدًا كَمَا كَانَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ مُتَحَسِّرَةً وَلَا تَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهَا مُحْتَمَلَةً لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ؛ لِأَنَّهَا إذَا نُظِرَ لِمُجَرَّدِ مَفْهُومِهَا تَحْتَمِلُهَا وَهَذَا هُوَ الْفَاصِلُ لِلْخَبَرِ عَنْ الْإِنْشَاءِ وَقَوْلُهُمْ فِي الْجَوَابِ إنَّنَا نُلَاحِظُ الْمُضَافَ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ يَأْبَاهُ مَقَامُ الْحَمْدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِضَافَةِ كَمَا قَالَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ الْإِشَارَةُ إلَى حُضُورِ الْمُضَافِ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ كَمَا أَنَّ اللَّامَ إشَارَةٌ إلَى حُضُورِ مَا عُرِفَ بِهَا فِيهِ اهـ.
فَكَأَنَّهُ يَقُولُ الْإِفْضَالُ الْكَامِلُ الظُّهُورُ الْبَالِغُ إلَى حَدِّ حُضُورِهِ فِي ذِهْنِ كُلِّ أَحَدٍ مِمَّا يَسْتَحِقُّ الْمُتَّصِفُ بِهِ أَنْ يَحْمَدَهُ وَعَلَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ يَبْقَى الْمُضَافُ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ فَيَدُلُّ عَلَى فَضْلٍ مَا وَلَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ كَمَا سَيَتَّضِحُ لَك ذَلِكَ عَنْ قَرِيبٍ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ يُرَدُّ تَقْدِيرُ جَعْلِ الظَّرْفِ خَبَرًا عَنْ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ مَا رَجَّحْنَاهُ سَابِقًا أَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ ذَلِكَ انْحِصَارُ عِلَّةِ ثُبُوتِ الْحَمْدِ لِلَّهِ فِي الْإِفْضَالِ