عَلَى أَفْضَالِهِ.
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَاتِحَةِ فَإِنَّ الرُّبُوبِيَّةَ صِفَةٌ ثَابِتَةٌ لِلذَّاتِ وَإِلَّا فَالْفِعْلِيَّةُ ثُمَّ إنَّ جَعْلَ الْجُمْلَةِ إنْشَائِيَّةً أَقْوَى لِأَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلُ: تَوَافُقُهُمَا مَعَ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ إذْ هِيَ إنْشَائِيَّةٌ أَيْضًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَدَعْوَى بَعْضٍ تَجْوِيزَ خَبَرِيَّتِهَا تَكَلُّفٌ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ بِالثَّنَاءِ مُثْنٍ بِخِلَافِ الْمُخْبِرِ بِالصَّلَاةِ فَلَيْسَ بِمُصَلٍّ فَلَوْ جُعِلَتْ جُمْلَةُ الْحَمْدَلَةِ خَبَرِيَّةً لَزِمَ تَخَالُفُ الْجُمْلَتَيْنِ خَبَرًا وَإِنْشَاءً وَفِي الْعَطْفِ خِلَافُ الثَّانِي مَا قَالَهُ الْفَنَارِيُّ إنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ وَأَمْثَالَهُ أَخْبَارٌ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ الْإِنْشَاءِ أَيْ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ مَجَازٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ لَيْسَ بِصَدَدِ الْإِخْبَارِ وَالْإِعْلَامِ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ وَضْعُ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ وَمَعْنَى " الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَمْدُ لَك يَا رَبُّ فَمَقْصُودُ الْمُتَلَفِّظِ بِهِ إنْشَاءُ تَعْظِيمِهِ تَعَالَى لِتَوْفِيقِهِ لِلْحَمْدِ وَإِيجَادِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَالْإِنْشَاءِ كَصِيَغِ الْعُقُودِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصِّيَغَ الْمَذْكُورَةَ إخْبَارٌ فِي اللُّغَةِ نَقَلَهَا الشَّارِعُ إلَى الْإِنْشَاءِ لِمَصْلَحَةِ الْأَحْكَامِ وَإِثْبَاتُ النَّقْلِ فِي أَمْثَالِ مَا نَحْنُ فِيهِ بِلَا ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ مُشْكِلٌ جِدًّا اهـ.
وَأَيْضًا رَجَّحَ الشَّارِحُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ نَحْمَدُك اللَّهُمَّ أَنَّهَا إنْشَائِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَفْضَالِهِ) خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى تَحَقُّقِ الِاسْتِحْقَاقَيْنِ الذَّاتِيِّ وَالْوَصْفِيِّ فَإِنَّ لَفْظَ " اللَّهِ " أَعْلَمُ لِلذَّاتِ عُلِّقَ عَلَيْهِ الْحَمْدُ أَوَّلًا تَنْبِيهًا عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ عُلِّقَ عَلَى الْأَفْضَالِ تَنْبِيهًا عَلَى الثَّانِي قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّيَالَكُوتِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ وَالِاسْتِحْقَاقُ الذَّاتِيُّ مَا لَا يُلَاحَظُ مَعَهُ خُصُوصِيَّةُ صِفَةٍ حَتَّى الْجَمِيعِ لَا مَا يَكُونُ الذَّاتُ الْبَحْثُ مُسْتَحِقًّا لَهُ فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْحَمْدِ لَيْسَ إلَّا عَلَى الْجَمِيلِ سُمِّيَ ذَاتِيًّا لِمُلَاحَظَةِ الذَّاتِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ خُصُوصِيَّةِ صِفَةٍ أَوْ لِدَلَالَةِ اسْمِ الذَّاتِ عَلَيْهِ اهـ.
فَإِنْ قُلْتَ لَا إشْعَارَ فِي الْكَلَامِ بِالِاسْتِحْقَاقِ الذَّاتِيِّ إذْ لَمْ يُعْهَدْ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ أَنَّ تَعْلِيقَ أَمْرٍ بِاسْمٍ غَيْرِ صِفَةٍ يَدُلُّ عَلَى مَنْشَئِيَّةِ مَدْلُولِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا يُفْهَمُ بِالذَّوْقِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ الْحَمْدُ لِلْمُتَفَضِّلِ مَثَلًا لَا مِنْ أَنْ تَعَلَّقَ أَمْرٌ بِاسْمٍ يَدُلُّ عَلَى مَنْشَئِيَّةِ مَدْلُولِهِ عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَقُولَ لَفْظَةُ " اللَّهِ " تَعَالَى لَمَّا دَلَّتْ عَلَى ذَاتٍ مُتَّصِفَةٍ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَاشْتُهِرَ اتِّصَافُ تِلْكَ الذَّاتِ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ فِي ضِمْنِ هَذَا الِاسْمِ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُجْعَلَ لِلتَّعْلِيقِ بِهِ فِي حُكْمِ التَّعْلِيقِ بِالْمُشْتَقِّ الدَّالِّ عَلَى مَنْشَئِيَّةِ جَمِيعِ الصِّفَاتِ، وَالْإِفْضَالُ مَصْدَرُ أَفْعَلَ وَلَمْ يُسْمَعْ بَلْ الْمَسْمُوعُ فَضْلٌ عَبَّرَ بِهِ دُونَ أَنْعَمَ كَمَا فِي الْمُصَنَّفِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ أَنْعَامَهُ تَعَالَى بِمَحْضِ الْفَضْلِ لَا بِطَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ أَوْ الْوُجُوبِ مَعَ الرَّمْزِ إلَى أَنَّ فِي الشَّرْحِ زِيَادَةَ فَوَائِدَ عَلَى الْمُصَنَّفِ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ الزِّيَادَةُ.
وَقَوْلُ الْحَوَاشِي فِي أَوْجُهِ التَّرْجِيحِ إنَّ الْإِفْضَالَ صَرِيحٌ فِي إيقَاعِ الْحَمْدِ فِي مُقَابَلَةِ الْفِعْلِ الصَّادِرِ مِنْ الْمَحْمُودِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى نِعَمٍ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ النِّعَمُ جَمْعَ نِعْمَةٍ بِمَعْنَى الْإِنْعَامِ أَوْ بِمَعْنَى الْمُنْعَمِ بِهِ بَلْ الثَّانِي هُوَ الْمُتَبَادِرُ وَالْحَمْدُ عَلَى الْفِعْلِ أَمْكَنُ مِنْ الْحَمْدِ عَلَى الْأَثَرِ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ عَلَى الْفِعْلِ بِلَا وَاسِطَةٍ بِخِلَافِ الْحَمْدِ عَلَى الْأَثَرِ فَإِنَّهُ بِوَاسِطَةِ أَنَّهُ أَثَرُ الْفِعْلِ مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْحَمْدَ عَلَى الْأَثَرِ يُلَاحَظُ فِيهِ أَيْضًا الْفِعْلُ وَمُلَاحَظَةُ شَيْئَيْنِ أَقْوَى مِنْ مُلَاحَظَةِ شَيْءٍ وَاحِدٍ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ