إلَيْهِ حَاجَةُ الْمُتَفَهِّمِينَ لِجَمْعِ الْجَوَامِعِ مِنْ شَرْحٍ يَحُلُّ أَلْفَاظَهُ وَيُبَيِّنُ مُرَادَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ غَيْرُ الْأَفْعَالِ كَالذَّاتِ وَصِفَاتِهَا الذَّاتِيَّةِ يَكُونُ عِلَّةً أَيْضًا أَمَّا إنْ جُعِلَتْ لِلْجِنْسِ فَلَا إيرَادَ إذْ ثُبُوتُ جِنْسِ الْحَمْدِ لِأَجْلِ الْإِفْضَالِ لَا يُنَافِي ثُبُوتَهُ لِغَيْرِهِ أَيْضًا فَفِيهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجِنْسِ وَالِاسْتِغْرَاقِ فِي ثُبُوتِ الِانْحِصَارِ فَإِنَّ انْحِصَارَ الْمَاهِيَّةِ فِي شَيْءٍ يَقْضِي أَنَّهُ لَا فَرْدَ لِمَا سِوَاهُ نَظِيرُ مَا قَالَهُ الْمَنَاطِقَةُ فِي الْكُلِّيِّ الْمُنْحَصِرِ فِي فَرْدِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلَّةِ هُنَا الْعِلَّةُ الْبَاعِثَةُ وَهِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِي صِفَةِ الْعَمَلِ لَا الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحُكْمِ كَمَا بَنَوْا عَلَيْهِ كَلَامَهُمْ وَلِذَلِكَ اسْتَشْكَلُوا وُقُوعَ الْحَمْدِ بِالصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَتَكَلَّفُوا فِي جَوَابِهِ.
(قَوْلُهُ: وَآلِهِ) وَاقْتَصَرَ عَلَى الْآلِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِالصَّحْبِ بَعْدَهُ اخْتَلَّ السَّجْعُ وَإِنْ قَدَّمَهُ يَلْزَمُ خِلَافُ الْمُتَعَارَفِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ هِيَ الْوَارِدَةُ فِي الْكَيْفِيَّاتِ الْمَرْوِيَّةِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الصَّحْبِ فَبِطَرِيقِ الْقِيَاسِ هَذَا إنْ فُسِّرَ الْآلُ بِأَقَارِبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ فُسِّرَ بِالْأَتْبَاعِ دَخَلَتْ الصَّحَابَةُ وَكَانَ فِيهِ تَوْرِيَةٌ وَهَذَا أَوْلَى لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ إيَّاهُ، وَلِوُجُودِ الْمُحَسِّنِ الْبَدِيعِيِّ (هَذَا مِمَّا اشْتَدَّتْ) أَوْرَدَ الْمُسْنَدَ إلَيْهِ اسْمَ إشَارَةٍ لِلْإِشَارَةِ إلَى كَمَالِ اسْتِحْضَارِهِ وَتَمْيِيزِهِ أَكْمَلَ تَمْيِيزٍ بِوَاسِطَةِ الْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ فَإِنَّ أَصْلَ أَسْمَاءِ الْإِشَارَةِ أَنْ يُشَارَ بِهَا إلَى مَحْسُوسٍ مُشَاهَدٍ كَقَوْلِ ابْنِ الرُّومِيِّ
هَذَا أَبُو الصَّقْرِ فَرْدًا فِي مَحَاسِنِهِ ... مِنْ نَسْلِ شَيْبَانَ بَيْنَ الضَّالِّ وَالسَّلَمِ
وَتَقْرِيرُ الِاسْتِعَارَةِ هُنَا غَيْرُ خَفِيٍّ وَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً أَوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً وَالْحَمْلُ عَلَى الثَّانِي أَوْلَى لَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَدُّدُ صِلَاتِ الْمَوْصُولِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو حَيَّانَ فِي النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3] الْآيَةَ وَكَأَنَّ هَذَا الْمَوْصُولَ وَصَلَاتَهُ شَرْحٌ لِلْمُتَّقِينَ وَتَرْتِيبُ هَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ بَابِ تَرْتِيبِ