لَقَاتَلْنَاهُمْ أَعْطَوْا الْجِزْيَةَ أَمْ لَا (وَأَمَّا مِثْلُ) قَوْله تَعَالَى {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5] مِنْ غَايَةٍ لَمْ يَشْمَلْهَا عُمُومُ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ لَيْسَ مِنْ اللَّيْلَةِ حَتَّى تَشْمَلَهُ (فَلِتَحْقِيقِ الْعُمُومِ) فِيمَا قَبْلَهَا كَعُمُومِ اللَّيْلَةِ لِأَجْزَائِهَا فِي الْآيَةِ لَا لِلتَّخْصِيصِ (وَكَذَا) قَوْلُهُمْ (قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ مِنْ الْخِنْصِرِ إلَى الْبِنْصِرِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَثَالِثِهِمَا فَإِنَّ الْغَايَةَ فِيهِ لِتَحْقِيقِ الْعُمُومِ أَيْ أَصَابِعُهُ جَمِيعُهَا بِأَنْ قُطِعَ مَا عَدَا الْمَذْكُورَيْنِ بَيْنَ قَطْعَيْهِمَا وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْخِنْصِرِ إلَى الْإِبْهَامِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحَيْ الْمُخْتَصَرِ وَالْمِنْهَاجِ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى مَا هُنَا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّجْعِ مَعَ الْبَلَاغَةِ الْمُحَوِّجِ إلَى التَّدْقِيقِ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ، وَذَكَرَ مِثَالَيْنِ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ فِي الثَّانِي مِنْ الْمُغَيَّا بِخِلَافِهِمَا فِي الْأَوَّلِ.

(الْخَامِسُ) مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُتَّصِلَةِ (بَدَلُ الْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ) كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ نَحْوُ أَكْرِمْ النَّاسَ الْعُلَمَاءَ (وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُونَ، وَصَوَّبَهُمْ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ فَلَا تَحَقُّقَ فِيهِ لِمَحَلٍّ يَخْرُجُ مِنْهُ فَلَا تَخْصِيصَ بِهِ.

(الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنْ الْمُخَصَّصِ (الْمُنْفَصِلُ) أَيْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَقَتَلْنَاهُمْ) أَيْ كُنَّا مَأْمُورِينَ بِقِتَالِهِمْ لَكِنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبِعَ الشَّيْخَ السُّبْكِيَّ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ عِبَارَةُ وَالِدِ الْمُصَنِّفِ: فَإِنَّ اللَّازِمَ الْأَمْرُ بِالْمُقَاتَلَةِ لِأَنْفُسِهَا (قَوْلُهُ: أَعْطَوْا الْجِزْيَةَ أَمْ لَا) عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْعُمُومُ فِي الْأَحْوَالِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى لَقَاتَلْنَا الْأَفْرَادَ الَّذِينَ أَعْطَوْا، وَاَلَّذِينَ لَمْ يُعْطُوا عَلَى أَنَّ الْمُلَاحَظَ الْعُمُومُ فِي الْأَشْخَاصِ (قَوْلُهُ: كَعُمُومِ اللَّيْلَةِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا) فِيهِ رَدٌّ لِمَا فِي شَرْحِ الزَّرْكَشِيّ مِنْ التَّنْظِيرِ مِنْ الْمِثَالِ قَالَ: لِأَنَّ اللَّيْلَةَ لَيْسَتْ بِعَامَّةٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مِثْلَ هَذَا إذَا وَرَدَتْ فِي صِيغَةِ عُمُومٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَيُؤَيِّدُ الرَّدَّ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَالْقَاتِلُ لَهُ حُكْمٌ ثَبَتَ لِمُتَعَدِّدٍ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّ هُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَحْدُودِ، وَزَادَ الشَّارِحُ الْكَافَ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِثْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا لِلتَّخْصِيصِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَلِتَحْقِيقِ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ قَطْعَيْهِمَا) أَيْ الْخِنْصِرِ وَالْبِنْصِرِ بِأَنْ بَدَأَ بِأَحَدِهِمَا، وَخَتَمَ بِالْآخَرِ، وَفِي نُسْخَةٍ قَطْعِهِمَا، وَهِيَ أَنْسَبُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْغَايَةَ إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الشَّبَهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَلَاغَةِ) وَهِيَ مُطَابَقَةُ الْكَلَامِ لِمُقْتَضَى الْحَالِ، وَالْحَالُ هُوَ اخْتِبَارُ السَّامِعِ هَلْ يُدْرِكُ الْمَعَانِيَ الدَّقِيقَةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ مِثَالَيْنِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا لَوْ كَانَا فِي مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ أَنَّ الْمَقْصُودَ تَشْبِيهُ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ فِي كَوْنِ الْغَايَةِ فِيهِ لِتَحْقِيقِ الْعُمُومِ فَلَوْ قَالَ: وَفَصَّلَهُ بِكَذَا؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ: بَدَلُ الْبَعْضِ) وَكَذَا بَدَلُ الِاشْتِمَالِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ زَيْدًا مُعَبَّرٌ بِهِ عَنْ الذَّاتِ بِأَوْصَافِهَا مِنْ عِلْمٍ وَغَيْرِهِ، فَإِذَا قِيلَ: عِلْمُهُ خَصَّصَ الْعُمُومَ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ فَقَطْ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعُمُومِ مُطْلَقُ الشُّمُولِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّ الْعِلْمَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مُجَرَّدِ الذَّاتِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ إشْعَارَهُ بِالصِّفَاتِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ النَّفْعَ مَثَلًا إنَّمَا يَكُونُ أَثَرَ الصِّفَةِ مِنْ صِفَاتِهِ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ كَرْمُهُ أَوْ عِلْمُهُ أَوْ جَاهُهُ مَثَلًا فَصَارَ الْعِلْمُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُشْعِرًا بِجَمِيعِ الصِّفَاتِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الْبَدَلِ أَيْضًا مِنْ الِاتِّصَالِ كَسَائِرِ التَّوَابِعِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الصِّفَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَيَبْقَى الْأَوَّلُ وَأَمَّا تَعْقِيبُهُ لِمُتَعَدِّدٍ حَيْثُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ الْكُلِّ وَمِنْ الْأَخِيرِ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي أَرْشَدِهِمْ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: أَكْرِمْ النَّاسَ الْعُلَمَاءَ) عَلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ بَدَلٌ لَا نَعْتٌ وَالْأَرْجَحُ لِلصِّفَةِ، وَالْمِثَالُ يَكْفِي فِيهِ الِاحْتِمَالُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَخْصِيصَ بِهِ) ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ لِكَوْنِهِ إخْرَاجًا يَسْتَدْعِي مُخْرَجًا مِنْهُ، وَلَا مُخْرَجَ مِنْهُ فِي الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ، وَكَأَنَّ الْبَدَلَ ذُكِرَ ابْتِدَاءً حَتَّى كَأَنَّك قُلْت: ابْتِدَاءً أَكْرِمْ الْعُلَمَاءَ فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ أَنَّهُ مَطْرُوحٌ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي اللَّفْظِ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ ذِكْرِ الْبَدَلِ، وَالْعُمُومُ مِنْ عَوَارِضِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015