بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى قَرِيبٌ مِنْ مَدْلُولِ الْعَامِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وِفَاقَ مَنْ خَالَفَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَقَطْ.

(الثَّالِثُ) مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُتَّصِلَةِ (الصِّفَةُ) نَحْوُ أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ الْفُقَهَاءُ غَيْرُهُمْ، وَهِيَ (كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْعَوْدِ) فَتَعُودُ إلَى كُلِّ الْمُتَعَدِّدِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَلَوْ تَقَدَّمَتْ) نَحْوُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ الْمُحْتَاجِينَ، وَوَقَفْت عَلَى مُحْتَاجِي أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ فَيَعُودُ الْوَصْفُ فِي الْأَوَّلِ إلَى الْأَوَّلِ مَعَ أَوْلَادِهِمْ، وَفِي الثَّانِي إلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مَعَ الْأَوْلَادِ وَقِيلَ: لَا (أَمَّا الْمُتَوَسِّطَةُ) نَحْوُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي الْمُحْتَاجِينَ وَأَوْلَادِهِمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا نَعْلَمُ فِيهَا نَقْلًا (فَالْمُخْتَارُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتْهُ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تَعُودُ إلَى مَا وَلِيَهَا أَيْضًا.

(الرَّابِعُ) مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُتَّصِلَةِ (الْغَايَةُ) نَحْوُ أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إلَى أَنْ يَعْصُوا خَرَجَ حَالُ عِصْيَانِهِمْ فَلَا يُكْرَمُونَ فِيهِ، وَهِيَ (كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْعَوْدِ) فَتَعُودُ إلَى كُلِّ مَا تَقَدَّمَهَا عَلَى الْأَصَحِّ نَحْوُ أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ وَأَحْسِنْ إلَى رَبِيعَةَ وَتَعَطَّفْ عَلَى مُضَرَ إلَى أَنْ يَرْحَلُوا (وَالْمُرَادُ) بِالْغَايَةِ (غَايَةٌ تَقَدَّمَهَا عُمُومٌ يَشْمَلُهَا لَوْ لَمْ تَأْتِ مِثْلُ) مَا تَقَدَّمَ، وَمِثْلُ قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] إلَى قَوْلِهِ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] فَإِنَّهَا لَوْ لَمْ تَأْتِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّشْبِيهِ أَيْ كَالْوِفَاقِ وَعَلَى الْجَوَابِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ وِفَاقٌ مَخْصُوصٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ لَا بُدَّ فِي التَّخْصِيصِ الشَّامِلِ لِلتَّخْصِيصِ بِالشَّرْطِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: قَرِيبٌ مِنْ مَدْلُولِ الْعَامِّ) أَيْ: وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ إخْرَاجِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: تَسَمُّحٌ فَهُوَ جَوَابٌ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وِفَاقَ مَنْ خَالَفَ) أَيْ فَيَكُونُ وِفَاقًا خَاصًّا لَا عَامًّا (قَوْلُهُ: فِي الِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ إخْرَاجُ الْأَكْثَرِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ.

(قَوْلُهُ: الصِّفَةُ) أَيْ الْمَعْنَوِيَّةُ لَا خُصُوصُ النَّحْوِيَّةِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي الْأَمْثِلَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْعَوْدِ) أَيْ وَفِي الِاتِّصَالِ، وَصِحَّةُ إخْرَاجِ الْأَكْثَرِ فَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ فِي الْعَوْدِ لَكَانَ أَعَمَّ (قَوْلُهُ: وَوُقِفَتْ عَلَى مُحْتَاجِي إلَخْ) مِثَالٌ لِمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَوْلَادِهِمْ) أَدْخَلَ مَعَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ، وَأَدْخَلَهَا فِي الثَّانِي عَلَى الْأَوْلَادِ لِانْعِكَاسِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا) الْعَطْفُ عَلَى الْمُضَافِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَوَسِّطَةُ فَالْمُخْتَارُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتْهُ) ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ عَوْدُهَا إلَى مَا وَلِيَهَا أَيْضًا بَلْ قِيلَ إنَّ عَوْدَهَا إلَيْهِمَا أَوْلَى مِمَّا إذَا تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُ الْمُتَعَاطِفَاتِ فِي الْمُتَعَلِّقَاتِ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ ابْنِهِ خَضِرٍ الْمَذْكُورِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ خَضِرٌ وَأَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُ الْوَاقِفِ وَبَقِيَ ابْنُ بِنْتِ ابْنِ خَضِرٍ وَبِنْتُ ابْنِ خَضِرٍ هَلْ تَدْخُلُ الْبِنْتُ أَوْ لَا عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَقَالَ: إنَّ الْبِنْتَ لَا تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ مِنْ الْمَذْكُورِ قَالَ وَهَذَا الشَّرْطُ مُسْتَمِرٌّ فِي بَطْنٍ وَقَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: 95] فَصَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أَنَّ الطَّعَامَ يَتَعَلَّقُ بِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ فِي الْهَدْيِ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وَجَعَلَ مَا ذُكِرَ فِي الْأَوَّلِ يَجْرِي فِيمَا بَعْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: خَرَجَ حَالٌ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهُ تَخْصِيصٌ فِي الْأَحْوَالِ مَعَ أَنَّ أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ لِلْعُمُومِ فِي الْأَشْخَاصِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمُومَ الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَحْوَالِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ خَرَجُوا مِنْ هَذِهِ الْحَالِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: فَلَا يُكْرَمُوا (قَوْلُهُ: فِي الْعَوْدِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ الِاتِّصَالُ فِيهَا، وَجَوَازُ إخْرَاجِ الْأَكْثَرِ بِهَا كَمَا ذُكِرَ فِي الشَّرْطِ، وَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ: الْغَايَةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الِاتِّصَالُ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَكَذَا إذَا وَلِيَتْ مُتَعَدِّدًا تَعُودُ لِلْكُلِّ نَحْوُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي إلَى أَنْ يَسْتَغْنُوا وَكَذَا فِي إخْرَاجِ الْأَكْثَرِ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَجَمْعِ الْجَوَامِعِ إنَّهَا كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْعَوْدِ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ الْقَصْرَ عَلَى الْعَوْدِ فَقَطْ بَلْ تَعَرُّضًا لِكَوْنِهِ أَهَمَّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ الْمُخَصِّصَةَ لِلْعَامِّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَامُّ شَامِلًا لَهَا لَوْ لَمْ تَأْتِ، كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ مُخَصَّصٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَتَى بِهِ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَأَمَّا مِثْلُ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَقَدُّمِهَا) أَيْ تَقَدُّمًا رُتْبِيًّا فَيَشْمَلُ مَا إذَا تَقَدَّمَتْ فِي اللَّفْظِ أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015