عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَصْلَهُ فِي إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ صِفَةُ شَرْطٍ وَقِيلَ يَجِبُ اتِّصَالُ الشَّرْطِ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ قَالَ: لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا (وَأَوْلَى) مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ (بِالْعَوْدِ إلَى الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الْجُمَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ نَحْوُ أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ وَأَحْسِنْ إلَى رَبِيعَةَ وَاخْلَعْ عَلَى مُضَرَ إنْ جَاءُوك (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ: يَعُودُ إلَى الْكُلِّ اتِّفَاقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْطَ لَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ تَقْدِيرًا بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ وَضُعِّفَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِهِ فَقَطْ (وَيَجُوزُ إخْرَاجُ الْأَكْثَرِ بِهِ وِفَاقًا) نَحْوُ أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إنْ كَانُوا عُلَمَاءَ، وَيَكُونُ جُهَّالُهُمْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَفِي إخْرَاجِ الْأَكْثَرِ بِهِ خِلَافٌ تَقَدَّمَ، وَفِي حِكَايَةِ الْوِفَاقِ تَسَمُّحٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ الْقَوْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِهِ فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ لِلْأَصْفَهَانِيِّ قَالَ الْمَازِرِيُّ: التَّوَابِعُ هِيَ النَّعْتُ وَالْعَطْفُ وَالتَّأْكِيدُ وَالْبَدَلُ وَالشَّرْطُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ اتِّصَالِهَا وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ فَفِيهِ الْخِلَافُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ عَائِدٌ لِمَا هُنَا أَيْضًا، وَهُوَ يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ، وَيُقَيِّدُ مَا فِي النَّاصِرِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِلْأَوْلَوِيَّةِ، وَهُوَ يَصْدُقُ بِالِاتِّفَاقِ فَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مِنْ الِاتِّفَاقِ لَا يُنَافِي التَّصْحِيحَ كَمَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ أَصْلَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: 23] الْآيَةَ فَقَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ: وَمِثْلُهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - لَا الِاسْتِثْنَاءِ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ حَيْثُ جَرَى فِيهَا الْخِلَافُ، وَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مَوْقُوفَةً عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - كَانَ الظَّاهِرُ وَالْغَالِبُ مِنْ حَالِ الْمُتَكَلِّمِ إرَادَتَهَا، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ غَيْرِهَا
(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ يُعْرَفُ مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ بُعَيْدَهُ وَلِكَوْنِهِ أَوْلَى مِنْهُ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ بِعَوْدِهِ لِلْكُلِّ وَبِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا قَبْلَهُ فَقَطْ اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ الْجُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ) لَوْ قَالَ أَيْ كُلُّ الْمُتَعَاطِفَاتِ كَانَ أَوْلَى لِيَتَنَاوَلَ الْمُفْرَدَاتِ وَتَقَدَّمَ الشَّرْطُ اهـ. زَكَرِيَّا.
وَقَدْ يُقَالُ: الْعُذْرُ فِي اقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى الْجُمَلِ؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُفْرَدَاتُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْفُرُوعِ وَاسْتِدْلَالُ الْأُصُولِيِّينَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الِاتِّفَاقُ فِي الْمُفْرَدَاتِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ فَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ تَقَدُّمَ الِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى يُحِيلَ عَلَيْهِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَعُودُ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِ الْعَوْدِ مَعَ أَنَّ التَّصْحِيحَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْأَوْلَوِيَّةِ لَا لِلْعُودِ، وَمُقَابِلُهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ، وَأَمَّا الْعَوْدُ اتِّفَاقًا فَهُوَ مَصْدُوقُ الْأَوْلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُتَحَقِّقَةٌ فِيهِ كَذَا اعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ وَهُوَ بِخِلَافِ الْمُتَبَادَرِ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْعَوْدِ لِلْكُلِّ، وَالتَّرْجِيحُ عَلَيْهِ تَصِحُّ الْمُقَابَلَةُ، وَلَوْ جُعِلَتْ الْأَوْلَوِيَّةُ مُتَحَقِّقَةً فِي الِاتِّفَاقِ كَانَ لَهُ حُكْمٌ آخَرُ غَيْرُ حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: مُتَقَدِّمٌ تَقْدِيرًا) لِتَوَقُّفِ الْمَشْرُوطِ عَلَى تَحَقُّقِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ فِي اللَّفْظِ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ فَإِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ فِي التَّقْدِيرِ أَيْضًا التَّوَقُّفُ الْإِخْرَاجُ عَلَى وُجُودِ الْمُخْرَجِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَوْدِ الشَّرْطِ إلَى الْجَمِيعِ لِتَقَدُّمِهِ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَيْهِ مَعَ تَأَخُّرِهِ؛ لِأَنَّ لِلتَّقَدُّمِ أَثَرًا فِي عَوْدِهِ إلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَقَدِّمًا يَكُونُ مَا عَدَا الْأُولَى مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةٍ تُقَرِّرَ لَهَا الْجَزَائِيَّةَ، وَالْعَطْفُ لِلْمُشَارَكَةِ، فَيُنَاسِبُ أَنْ تُشَارِكَهَا فِي الْعَطْفِ بِخِلَافِ الْأَخِيرَةِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، فَإِنَّهَا لَمْ تُعْطَفْ عَلَى مَا ثَبَتَ لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُذْكَرُ بَعْدَهَا، فَلَوْ عَادَ إلَى الْكُلِّ لَصَارَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مُشْرِكًا لِلْمَعْطُوفِ فِيمَا ثَبَتَ لَهُ، وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُقَيَّدِ بِهِ) أَيْ الَّذِي قَصَدَ تَقْيِيدَهُ بِهِ فَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَصَدَ أَنْ يَجْعَلَهُ قَيْدًا لِبَعْضِ الْجُمَلِ لَا لِكُلِّهَا
(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ جُهَّالُهُمْ إلَخْ) فِيهِ وُقُوعُ الْمُضَارِعِ الْمُثْبَتِ حَالًا بِالْوَاوِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِالْمَاضِي أَيْ وَإِنْ كَانَ حَالُهُمْ (قَوْلُهُ: تَسَمُّحٌ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّسَمُّحِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوِفَاقِ قَوْلَ الْأَكْثَرِ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْوِفَاقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّهُ عَلَى التَّسَمُّحِ لَمْ يُرِدْ مَعْنَى الْوِفَاقِ بَلْ مَعْنَى مَا يَقْرَبُ مِنْهُ كَقَوْلِ الْأَكْثَرِ وَكَانَ الْمَعْنَى عَلَى