فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ شَيْءٌ، وَبِالثَّانِي مِنْ السَّبَبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَبِالثَّالِثِ مِنْ مُقَارَنَةِ الشَّرْطِ لِلسَّبَبِ فَيَلْزَمُ الْوُجُودُ كَمَوْجُودِ الْحَوْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مَعَ النِّصَابِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، وَمِنْ مُقَارَنَتِهِ لِلْمَانِعِ كَالدَّيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَيَلْزَمُ الْعَدَمُ فَلُزُومُ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ فِي ذَلِكَ لِوُجُودِ السَّبَبِ، وَالْمَانِعُ لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ ثُمَّ هُوَ عَقْلِيٌّ كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ وَشَرْعِيٌّ كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ وَعَادِيٌّ كَنَصْبِ السُّلَّمِ لِصُعُودِ السَّطْحِ وَلُغَوِيٌّ وَهُوَ الْمُخَصَّصُ كَمَا فِي أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إنْ جَاءُوا أَيْ الْجَائِينَ مِنْهُمْ فَيَنْعَدِمُ الْإِكْرَامُ الْمَأْمُورُ بِانْعِدَامِ الْمَجِيءِ وَيُوجَدُ بِوُجُودِهِ إذَا اُمْتُثِلَ الْأَمْرُ (وَهُوَ) أَيْ الشَّرْطُ الْمُخَصِّصُ (كَالِاسْتِثْنَاءِ اتِّصَالًا) فَفِي وُجُوبِهِ هُنَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِاعْتِبَارِ عَدَمِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَانِعَ لَهُ اعْتِبَارَانِ خَرَجَ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الْعَدَمُ، وَخَرَجَ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ الْآخَرِ، وَهُوَ اعْتِبَارُ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَلَا عَدَمٌ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَيْدَ الثَّالِثَ مُخْتَصٌّ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ إلَخْ

وَلَا يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا أَعْنِي قَوْلَهُ: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَالْوَجْهُ رُجُوعُهُ لَهُ أَيْضًا لِإِخْرَاجِ الْمَانِعِ إذَا قَارَنَهُ عَدَمُ الشَّرْطِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمِ لَكِنْ لَا لِذَاتِهِ بَلْ الْعَدَمُ الشَّرْطُ الَّذِي قَارَنَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ إلَخْ) وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ (قَوْلُهُ: مُقَارَنَةِ الشَّرْطِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: التَّعْبِيرُ بِالْمُقَارَنَةِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ الْمَدْخَلَ إنَّمَا هُوَ الشَّرْطُ الْمُقَارِنُ لِذَلِكَ لَا الْمُقَارَنَةُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ بَعْدُ لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَيْدِ لِذَاتِهِ؛ وَلِذَا حَذَفَ بَعْضَهُمْ؛ إذْ الْمُقْتَضِي لِمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ الْمُقَارِنُ لَهُ مِنْ السَّبَبِ أَوْ الْمَانِعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَوُجُودِ الْحَوْلِ إلَخْ) لَمْ يُفْرَضْ الْكَلَامُ فِي الْوُضُوءِ وَدُخُولِ الْوَقْتِ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْوُضُوءَ شَرْطُ صِحَّةٍ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ سَبَبٌ فِي الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مُقَارَنَتِهِ) أَيْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فَلُزُومُ الْوُجُودِ إلَخْ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُقَارَنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ السَّبَبِ) أَيْ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَالْمَانِعُ) أَيْ فِي الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ) فَقَوْلُهُ: لِذَاتِهِ رَاجِعٌ لِلْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، وَكَانَ الْقَيْدُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا لِلْإِيضَاحِ، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ عَدَمِ الشَّرْطِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ هُوَ) أَيْ الشَّرْطُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا الشَّرْطُ الْمُخَصَّصُ بِقَرِينَةٍ آخِرَ كَلَامِهِ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَقَاصِدِ الْكِتَابِ أَشَارَ بِهَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ قَدْ يَكُونُ شَرْطًا فِيمَا لَيْسَ مُؤَثِّرًا فَإِنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ مُؤَثِّرًا، وَكَذَا الْعِلْمُ شَرْطٌ فِي الْإِرَادَةِ، وَهِيَ مُخَصِّصَةٌ لَا مُؤَثِّرَةٌ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْمَحْصُولِ فِي ضَابِطِهِ: إنَّهُ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَلُغَوِيٌّ) إدْخَالُهُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ لَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، وَهُوَ الصِّيغَةُ؛ لِأَنَّهَا لَفْظٌ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا التَّعْرِيفُ الْمُتَقَدِّمُ وَالصِّيغَةُ، وَإِنْ كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْكُلِّ إلَّا أَنَّ الْمُلْتَفَتَ إلَيْهِ فِي التَّخْصِيصِ كَوْنُهَا وَارِدَةً عَلَى قَانُونِ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْجَائِينَ مِنْهُمْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ يَرْجِعُ إلَى الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: فَيَنْعَدِمُ الْإِكْرَامُ إلَخْ) وَهُوَ الْمَشْرُوطُ، فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ هُوَ الْإِكْرَامُ الْمَأْمُورُ بِهِ لَا مُطْلَقًا فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: هَذَا الْمِثَالُ لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُجُودُ الْإِكْرَامِ مِنْ عَدَمِ الْمَجِيءِ (قَوْلُهُ: إذَا اُمْتُثِلَ) أَيْ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ لِذَاتِهِ حَتَّى يَلْزَمَ أَنَّهُ سَبَبٌ لَا شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ جَعْلِيٌّ أَيْ يَجْعَلُ الْمُتَكَلِّمَ وَاعْتِبَارُهُ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ إلَخْ فَلَا يَصِحُّ إدْرَاجُهُ هُنَا لِعَدَمِ انْطِبَاقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ هَذَا فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ الْغَالِبِ، وَالْكَلَامُ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ

(قَوْلُهُ: اتِّصَالًا) مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْمُضَافِ، وَالْأَصْلُ اتِّصَالُهُ كَالِاسْتِثْنَاءِ أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ (قَوْلُهُ: الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ) أَيْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015