عَائِدٌ (لِلْكُلِّ) حَيْثُ صَلَحَ لَهُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مُطْلَقًا (وَقِيلَ إنْ سِيقَ الْكُلُّ لِغَرَضٍ) وَاحِدٍ عَادَ لِلْكُلِّ، نَحْوُ حَبَسْتُ دَارِي عَلَى أَعْمَامِي وَوَقَفْت بُسْتَانِي عَلَى أَخْوَالِي وَسَبَّلْت سِقَايَتِي لِجِيرَانِي إلَّا أَنْ يُسَافِرُوا وَإِلَّا عَادَ لِلْأَخِيرَةِ فَقَطْ، نَحْوُ أَكْرِمْ الْعُلَمَاءَ وَاحْبِسْ دِيَارَك عَلَى أَقَارِبِك وَأَعْتِقْ عَبِيدَك إلَّا الْفَسَقَةَ مِنْهُمْ (وَقِيلَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّرْكَشِيُّ التَّقْيِيدُ بِالْوَاوِ وَإِنَّمَا هُوَ احْتِمَالٌ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ فِي الْبُرْهَانِ بِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ عَوْدُهُ إلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ تَضْعِيفِ الْقَوْلِ الَّذِي بَعْدَهُ وَسَكَتَ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْجُمَلِ

وَقَدْ قَالَ أَخُو الْمُصَنِّفِ فِي عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ فِي بَحْثِ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ كَانَ بَعْدَهُمَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ تَعَدِّي الِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ إلَى الْجَمِيعِ أَنَّ الْعَطْفَ يُصَيِّرُ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُفْرَدِ وَهَذَا الْمَعْنَى حَاصِلٌ تَقَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءُ أَوْ تَوَسَّطَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ إلَّا مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُخْرِجَ مِمَّا قَبْلَهَا لَا مِمَّا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّمًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا الْعَامِلُ فِي الْمُسْتَثْنَى هُوَ إلَّا كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَالْمُبَرِّدِ فَلَا يَتَعَدَّى الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْجُمْلَةِ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَأَخُّرُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَنْ الْمُسْتَثْنَى وَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مَعًا وَقَدْ حَمَلُوا عَلَى الشُّذُوذِ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

خَلَا اللَّهَ لَا أَرْجُو سِوَاكَ وَإِنَّمَا ... أَعُدُّ عِيَالِي شُعْبَةً مِنْ عِيَالِكَا

وَإِنْ قُلْنَا الْعَامِلُ فِي الْمُسْتَثْنَى هُوَ مَا قَبْلَهَا أَوْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَلْيَعُدْ إلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّا حِينَئِذٍ لَمْ نُؤَخِّرْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَنْ الْمُسْتَثْنَى بَلْ نُقَدِّرُ اسْتِثْنَاءً آخَرَ عَقِبَ الثَّانِيَةِ كَمَا نُقَدِّرُ اسْتِثْنَاءً عَقِبَ مَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ إذَا تَأَخَّرَ الِاسْتِثْنَاءُ عَنْهَا وَيَكُونُ حَذَفَ مِنْ أَحَدِهِمَا لِدَلَالَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ وَلَا وَجْهَ لِعَوْدِ الْمُسْتَثْنَى الْمُتَأَخِّرِ لِلْجُمَلِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَامِلَ مَا قَبْلَهَا إلَّا ذَلِكَ وَقَدْ انْحَلَّ لَنَا بِهَذَا إشْكَالٌ كَبِيرٌ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ إعَادَتَهُمْ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْجُمَلِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمُسْتَثْنَى هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَوَارُدُ عَوَامِلُ عَلَى مَعْمُولٍ وَاحِدٍ فَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ وَقَوْلُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا لَا يُنَافِي وُجُودَهُ فِي الْوَاقِعِ وَقَدْ ظَفِرَ بِهِ الْبِرْمَاوِيُّ فَقَالَ وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ جُمْلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْآخَرِ فَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو مَنْصُورٍ، نَحْوُ أَعْطِ بَنِي زَيْدٍ إلَّا مَنْ عَصَاك وَأَعْطِ بَنِي عَمْرٍو وَحَكَيَا عَنْ الْأَصْحَابِ فِيهَا وَجْهَيْنِ الرُّجُوعَ إلَيْهِمَا وَإِلَى مَا قَبْلَهُ دُونَ مَا بَعْدَهُ اهـ. ثُمَّ الشَّارِحُ لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُتَعَاطِفَةٌ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُتَعَاطِفَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاضْطِرَابِ فَمِنْ قَائِلٍ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ كَالْإِمَامِ الرَّازِيّ وَاتِّبَاعِهِ وَمِنْ قَائِلٍ بِعَدَمِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ وَأَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْأَخِيرِ فَقَطْ وَقَدْ بَيَّنَهُ الْبِرْمَاوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيَانِيَّيْنِ ذَكَرُوا أَنَّ تَرْكَ الْعَطْفِ قَدْ يَكُونُ لِكَمَالِ الِارْتِبَاطِ، نَحْوُ {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] وَحِينَئِذٍ فَفِي مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ السُّبْكِيُّ لَا يَبْعُدُ مَجِيءُ الْخِلَافِ فِيهِ قَالَ وَلَدُهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا لَمَّا صَارَا كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنَّهُ يَعُودُ لِلْجَمِيعِ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ: عَائِدٌ لِلْكُلِّ) أَيْ لِلْجُمَلِ الْكُلِّ فَهُوَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا حَالٌ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الظُّهُورِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ لَا نِزَاعَ فِي إمْكَانِ رَدِّهِ إلَى الْجَمِيعِ وَالْأَخِيرِ بَلْ فِي الظُّهُورِ فَعِنْدَنَا إلَى الْأَخِيرَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلَى الْجَمِيعِ كَالشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ:، نَحْوُ حَبَسْت إلَخْ) فَإِنَّ الْفَرْضَ فِي الْكُلِّ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوَقْفُ. (قَوْلُهُ: سِقَايَتِي) أَيْ مَا يَسْتَقِي مِنْهَا فَإِنْ قَصَدَ الْعَيْنَ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا الْمَاءُ صَحَّ الْوَقْفُ وَإِنْ قَصَدَ عَيْنَ الْمَاءِ الْمَوْجُودَةَ بَطَلَ إنْ قَصَدَ بِسَبَّلْتُ الْوَقْفَ وَإِنْ قَصَدَ الصَّدَقَةَ لَا فَالْأَسْبِلَةُ الْمَوْجُودَةُ بِمِصْرَ لَيْسَ مَاؤُهَا هُوَ الْمَوْقُوفُ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ بَلْ الْمَوْقُوفُ الْجِهَةُ الْمُعَيَّنُ مَصْرِفُهَا لِشِرَاءِ الْمَاءِ وَالْمَاءُ مَوْقُوفٌ تَبَعًا فَلَا يَضُرُّ ذَهَابُ عَيْنِهِ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَادَ لِلْأَخِيرَةِ فَقَطْ) هَلَّا قَالَ وَإِلَّا عَادَ لِلْأَخِيرَةِ وَلَمَّا اتَّفَقَ مَعَهَا فِي الْفَرْضِ فَقَطْ لِيُفِيدَ عَوْدَهُ فِي نَحْوِ قَوْلِك أَكْرِمْ الْعُلَمَاءَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015