إنْ عُطِفَ بِالْوَاوِ) عَادَ لِلْكُلِّ بِخِلَافِ الْفَاءِ وَثُمَّ مَثَلًا فَلِلْأَخِيرَةِ وَعَلَى هَذَا الْآمِدِيُّ حَيْثُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعَطْفِ بِالْوَاوِ (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْإِمَامُ) الرَّازِيّ (لِلْأَخِيرَةِ) فَقَطْ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ) بَيْنَ عَوْدِهِ لِلْكُلِّ وَعَوْدِهِ لِلْأَخِيرَةِ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ (وَقِيلَ بِالْوَقْفِ) أَيْ لَا يُدْرَى مَا الْحَقِيقَةُ مِنْهُمَا وَيَتَبَيَّنُ الْمُرَادُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ بِالْقَرِينَةِ وَحَيْثُ وُجِدَتْ انْتَفَى الْخِلَافُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] إلَى قَوْلِهِ {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70] فَإِنَّهُ عَائِدٌ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَهُ قَالَ السُّهَيْلِيُّ بِلَا خِلَافٍ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] إلَى قَوْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَعْتِقْ عَبِيدَك وَاحْبِسْ دَارَك عَلَى أَعْمَامِك وَقِفْ بُسْتَانَك عَلَى إخْوَتِك وَسَبِّلْ بِئْرَك عَلَى جِيرَانِك إلَّا الْفَسَقَةَ مِنْهُمْ إلَى قَوْلِهِ وَاحْبِسْ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ قِيَاسُهُ الظَّاهِرُ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: إنْ عُطِفَ بِالْوَاوِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ فَالْمُتَبَادِرُ مِنْهَا اجْتِمَاعُ الْكُلِّ فِي التَّقْيِيدِ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَقَوْلُهُ مَثَلًا أَدْخَلَ بِهِ حَتَّى فَإِنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ أَيْضًا وَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّمْهِيدِ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَدْ أَطْلَقُوا فِي عَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجَمِيعِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ وَرَأَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ فَإِنْ كَانَ بِثُمَّ اُخْتُصَّ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَالثَّانِي أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ كَلَامٌ طَوِيلٌ فَإِنْ تَخَلَّلَ كَقَوْلِهِ عَلَى أَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَعْقَبَ فَنَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُعَقِّبْ فَنَصِيبُهُ لِلَّذِينَ فِي دَرَجَتِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَهُوَ مَصْرُوفٌ إلَى إخْوَتِي إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمْ الِاسْتِثْنَاءُ يَخْتَصُّ بِإِخْوَتِهِ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَصَرَّحَ بِهِ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَاسْتِدْلَالُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ يَقْتَضِيهِ أَيْضًا اهـ. فَلْيُنْظَرْ هَذَا مَعَ مَا نُقِلَ سَابِقًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ فَتَذَكَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَخْ) أَوْ نَاقَضَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِبَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ إنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى الْكُلِّ وَنَاقَضَ فِي الصِّفَةِ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْتُ لِبَنِي فُلَانٍ وَلِبَنِي بَكْرٍ الْمَسَاكِينِ مِنْهُمْ قَالَ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا، وَالتَّحَكُّمُ أَيْضًا بِالِانْحِصَارِ بَاطِلٌ إذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَوْصَيْت لِبَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ إلَّا الْفُسَّاقَ وَيَعْنِي بِهِ اسْتِثْنَاءَهُمْ عَنْ الْكُلِّ قَالَهُ فِي الْمَنْخُولِ.
(قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ مُطْلَقًا أَيْ لِفَرْضٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا عَطَفَ بِالْوَاوِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ) لِكَوْنِهِ بِلَصْقِهِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالْوَقْفِ) قَالَ بِهِ الْغَزَالِيُّ لِقَوْلِهِ فِي الْمَنْخُولِ فَالْوَجْهُ التَّرَدُّدُ وَإِبْطَالُ التَّحَكُّمِ بِكِلَا الْجَانِبَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لَا يُدْرَى مَا الْحَقِيقَةُ مِنْهُمَا) أَيْ أَوْ هُمَا فَإِنَّ الْقَوْلَ بِالْوَقْفِ لَمْ يُجْزَمْ فِيهِ بِشَيْءٍ.
(قَوْلُهُ: الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ الِاشْتِرَاكِ وَالْوَقْفِ.
(قَوْلُهُ: انْتَفَى الْخِلَافُ) أَيْ ثَمَرَتُهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِالِاشْتِرَاكِ وَالْوَقْفِ مَوْجُودٌ بَلْ وَيُوجَدُ مَعَ الْأَوَّلِ أَيْضًا فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ يُعْدَلُ عَنْهَا لِلْقَرِينَةِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى) أَيْ كَالْقَرِينَةِ فِي قَوْله تَعَالَى وَاَلَّذِينَ إلَخْ وَالْقَرِينَةُ فِيهَا وَفِي آيَةِ الْحِرَابَةِ بَعْدَهُ أَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ فِيهَا عَائِدٌ إلَى جَمِيعِ مَا مَرَّ إذْ لَا مُخَصِّصَ لِبَعْضٍ مِنْهُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَهُ عَائِدٌ إلَى الْجَمِيعِ وَالْقَرِينَةُ فِي آيَةِ الْقَتْلِ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي يَصَّدَّقُوا عَلَى أَهْلِ الْقَتِيلِ وَهُمْ مَذْكُورُونَ فِي الدِّيَةِ لَا فِي التَّحْرِيرِ مَعَ أَنَّ التَّصَدُّقَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ آدَمِيٌّ بِخِلَافِ التَّحْرِيرِ اهـ.
زَكَرِيَّا وَقَالَ الْكَمَالُ الْقَرِينَةُ فِي آيَةِ الْحِرَابَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ {الَّذِينَ} [المائدة: 33] فِي قَوْلِهِ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ دَفْعَةً لِأَنْوَاعِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الْعُقُوبَاتُ بِاخْتِلَافِهَا لَا تَرْتِيبَ فِيهَا بِاعْتِبَارِ تَنَاوُلِهِ لَهَا لِيَعُودَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْمُتَأَخِّرِ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ} [الفرقان: 68] وَمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ عَائِدٌ إلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] وَهُوَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْكَلَامُ فِي جُمَلٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَفَادَهُ النَّاصِرُ وَمُحَصَّلُ جَوَابِ سم بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [الفرقان: 68] مُنْطَبِقًا عَلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ كَانَ عَائِدًا لَهَا