فَنَحْوُ مَا قَامَ أَحَدٌ إلَّا زَيْدًا وَقَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا يَدُلُّ الْأَوَّلُ عَلَى إثْبَاتِ الْقِيَامِ لِزَيْدٍ وَالثَّانِي عَلَى نَفْيِهِ عَنْهُ وَقَالَ لَا وَزَيْدٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ الْقِيَامُ وَعَدَمُهُ وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ مُخْرَجٌ مِنْ الْمَحْكُومِ بِهِ فَيَدْخُلُ فِي نَقِيضِهِ مِنْ قِيَامٍ وَعَدَمِهِ مَثَلًا أَوْ مُخْرَجٌ مِنْ الْحُكْمِ فَيَدْخُلُ فِي نَقِيضِهِ أَيْ لَا حُكْمَ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ شَيْءٍ دَخَلَ فِي نَقِيضِهِ وَجُعِلَ الْإِثْبَاتُ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ بِعُرْفِ الشَّرْعِ وَفِي الْمُفَرَّغِ، نَحْوُ مَا قَامَ إلَّا زَيْدٌ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ.

(وَ) الِاسْتِثْنَاءَاتُ (الْمُتَعَدِّدَةُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الذِّكْرُ فَإِنَّهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ مَذْكُورٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحَيْثِيَّاتِ الْآتِيَةِ.

(قَوْلُهُ: فَنَحْوَ مَا قَامَ إلَخْ) مُرَتَّبٌ عَلَى كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا إلَخْ وَعَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ.

(قَوْلُهُ: وَزَيْدٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ) أَيْ لَيْسَ مُسْتَثْنًى مِنْ نَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَبْنَى الْخِلَافِ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ الْفَتَاوَى عَلَى التَّلْوِيحِ نَقْلًا عَنْ السَّيِّدِ أَنَّ مَبْنَى الْخِلَافِ هُوَ أَنَّ وَضْعَ الْأَلْفَاظِ لِلْأُمُورِ الذِّهْنِيَّةِ أَمْ لِلْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى الثَّانِي وَعُلَمَاؤُنَا إلَى الْأَوَّلِ وَلَمَّا لَمْ يُتَصَوَّرْ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي الْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ لَزِمَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَبِالْعَكْسِ وَعِنْدَنَا لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْأُمُورِ الذِّهْنِيَّةِ وَالْخَارِجِيَّةِ وَاسِطَةٌ بِالضَّرُورَةِ لَزِمَ الْقَوْلُ بِالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَحْكُومِ بِهِ) أَيْ وَيَكُونُ الْمَعْنَى الْقَوْمُ قَائِمُونَ إلَّا زَيْدًا وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الْقَوْمُ مَحْكُومًا بِقِيَامِهِمْ إلَّا زَيْدًا فَإِنَّهُ لَيْسَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِالْقِيَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ثَابِتٌ لَهُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ قِيَامٍ أَوْ عَدَمِهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ نَفْيَ الْقِيَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ الِانْتِفَاءُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ النِّسْبَةَ الْكَلَامِيَّةَ وَاحِدَةٌ كَمَا حُقِّقَ فِي مَوْضِعِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ الْإِيقَاعُ وَالِانْتِزَاعُ لَا الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ.

(قَوْلُهُ: إذْ الْقَاعِدَةُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَبْنِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَجُعِلَ الْإِثْبَاتُ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ) أَيْ إثْبَاتُ الْأُلُوهِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِعُرْفِ الشَّرْعِ أَيْ لَا بِوَضْعِ اللُّغَةِ وَرَدَّهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ خَاطَبَ النَّاسَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ عُمُومًا لِإِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ وَحَصَلَ الْفَهْمُ لِذَلِكَ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِأَمْرٍ زَائِدٍ وَلَوْ كَانَ وَضْعُ اللَّفْظِ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ لَبَيَّنَ الشَّارِعُ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا مِنْ أَصْلِ وَضْعِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَعْمَلُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِطَرِيقِ الْبَيَانِ بِمَعْنَى الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْبَعْضَ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ الْأَصْلِ حَتَّى كَأَنَّهُ قِيلَ عَلَيَّ سَبْعَةٌ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ التَّكَلُّمُ بِالْعَشَرَةِ فِي حَقِّ لُزُومِ الثَّلَاثَةِ فَالِاسْتِثْنَاءُ تَصَرُّفٌ فِي الْكَلَامِ بِجَعْلِهِ عِبَارَةً عَمَّا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ بِمَعْنَى أَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ إيقَاعٌ لِلْكُلِّ لَكِنَّهُ لَا يَقَعُ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ الدَّالُّ عَلَى النَّفْيِ عَنْ الْبَعْضِ حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا ثَلَاثَةً فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيَّ فَلَا تَلْزَمُهُ الثَّلَاثَةُ لِلدَّلِيلِ الْمُعَارِضِ لِأَوَّلِ الْكَلَامِ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ تَصَرُّفًا فِي الْحُكْمِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَنَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةُ تَوْحِيدٍ أَيْ إقْرَارٌ بِوُجُودِ الْبَارِي تَعَالَى وَوَحْدَتِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَمَلُ الِاسْتِثْنَاءِ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ وَإِثْبَاتُهُ حُكْمًا مُخَالِفًا لِحُكْمِ الصَّدْرِ لَمَا لَزِمَ الْإِقْرَارُ بِوُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ بِنَفْيِ الْأُلُوهِيَّةِ عَمَّا سِوَاهُ، وَالتَّوْحِيدُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَنَفْيِهَا عَمَّا سِوَاهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ دَهْرِيٌّ مُنْكِرٌ لِصَانِعِ الْعَالَمِ لَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَرُجُوعِهِ عَنْ مُعْتَقَدِهِ فَثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَدُلُّ عَلَى إثْبَاتِ حُكْمٍ مُخَالِفٍ لِلصَّدْرِ اهـ. مِنْ التَّلْوِيحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015