خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ) فِيهِمَا وَقِيلَ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ فَقَالَ إنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَفْعُولِ أَوْ الْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مِنْ ذِي النَّفْيِ ذُو إثْبَاتٍ أَيْ دَالٌّ عَلَيْهِ قَالَ الْقَرَافِيُّ قُلْت يَوْمًا لِلشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ الْفُقَهَاءَ الْتَزَمُوا قَاعِدَتَيْنِ فِي الْأُصُولِ وَخَالَفُوهُمَا فِي الْفُرُوعِ فَقَالَ لِي مَا هُمَا قُلْت لَهُ الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ لِلْعُمُومِ عِنْدَهُمْ وَلَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي بِغَيْرِ نِيَّةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ خِلَافُ الْقَاعِدَةِ وَالثَّانِيَةُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَمِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت ثَوْبًا إلَّا الْكَتَّانَ فَقَعَدَ عُرْيَانًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَمُقْتَضَى قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَا الْكَتَّانَ وَعَلَى لُبْسِ الْكَتَّانِ وَمَا لَبِسَ الْكَتَّانَ فَيَحْنَثُ فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَبَبُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ الْأَيْمَانَ تَتْبَعُ الْمَنْقُولَاتِ الْعُرْفِيَّةَ دُونَ الْأَوْضَاعِ اللُّغَوِيَّةِ إذَا تَعَارَضَ وَقَدْ انْتَقَلَ اللَّامُ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ لِحَقِيقَةِ الْجِنْسِ دُونَ اسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ فَلِذَا كَانَ الْحَالِفُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْمَاهِيَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ فَلَا تَزِيدُ اللَّامُ لَهُ عَلَى الْوَاحِدِ وَانْتَقَلَ إلَّا فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَلِفِ لِمَعْنَى الصِّفَةِ، مِثْلُ سِوَى وَغَيْرِ فَمَعْنَى حَلِفِهِ وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت ثَوْبًا سِوَى الْكَتَّانِ أَوْ غَيْرَ الْكَتَّانِ فَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الْمُغَايِرُ لِلْكَتَّانِ وَالْكَتَّانُ لَيْسَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّهُ لُبْسُهُ وَلَا تَرْكُهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاتَّفَقَ الْبَحْثُ مَعَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ فَالْتَزَمَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا قَعَدَ عُرْيَانًا وَأَنَّ إلَّا عَلَى بَابِهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَأَرَانَا نَقْلًا فِي ذَلِكَ اهـ. كَلَامُ الْقَرَافِيِّ.

وَأَقُولُ مَا قَالَهُ تَاجُ الدِّينِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ مَمْنُوعٌ مَعَ أَنَّا نُبْقِي إلَّا عَلَى بَابِهَا وَنَلْتَزِمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِهَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ إثْبَاتٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَنْعَ مَا ذَكَرَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِثْبَاتَ بِحَسَبِ الْمَقْصُودِ مِنْ النَّفْيِ وَالْمَقْصُودُ هُنَا مِنْ النَّفْيِ هُوَ مَنْعُ نَفْسِهِ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِثْبَاتِ هُوَ إبَاحَةُ لُبْسِ الْكَتَّانِ لَا الْتِزَامُ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِالتَّرْكِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ دَقِيقٌ تَرَكَهُ الشَّيْخُ لَنَا ثُمَّ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ حَوَاشِي التَّلْوِيحِ مَا يُوَافِقُ هَذَا الْجَوَابَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَذَا كَتَبَهُ سم بِهَامِشِ حَاشِيَةِ الْكَمَالِ وَفِي التَّمْهِيدِ لِلْإِسْنَوِيِّ إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُعْطِيك إلَّا دِرْهَمًا أَوْ لَا آكُلُ إلَّا هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ لَا أَطَأُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَمْ يَفْعَلْ بِالْكُلِّيَّةِ فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ أَحَدُهُمَا: نَعَمْ لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ ذَلِكَ وَهُوَ كَوْنُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَنْعُ الزِّيَادَةِ وَقِيَاسُ مَذْهَبِنَا هُوَ الْأَوَّلُ لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ مِنْ زَوَائِدِهِ الثَّانِيَ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ) الْقَوْلُ بِمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ بَعِيدٌ حَتَّى قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ إنَّهُ فِي مِثْلِ مَا قَامَ إلَّا زَيْدٌ يَكَادُ يَلْحَقُ بِإِنْكَارِ الضَّرُورِيَّاتِ. وَإِجْمَاعُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَالَ الْكَمَالُ وَالْحَنَفِيَّةُ أَوَّلُوا قَوْلَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ بِأَنَّهُ مَجَازٌ تَعْبِيرًا عَنْ عَدَمِ الْحُكْمِ بِالْحُكْمِ بِالْعَدَمِ لِكَوْنِهِ لَازِمًا لَهُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015