بِحَسَبِ الْأَصْلِ (اُسْتُعْمِلَ فِي جُزْئِيٍّ) أَيْ فَرْدٍ مِنْهَا (وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا وَهُوَ أَنَّهُ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي جُزْئِيٍّ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (كَانَ مَجَازًا قَطْعًا) نَظَرًا لِحَيْثِيَّةِ الْجُزْئِيَّةِ مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران: 173] أَيْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ لِقِيَامِهِ مَقَامَ كَثِيرٍ فِي تَثْبِيطِهِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُلَاقَاةِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} [النساء: 54] أَيْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَمْعِهِ مَا فِي النَّاسِ مِنْ الْخِصَالِ الْجَمِيلَةِ وَقِيلَ النَّاسُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى وَفْدٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَفِي الثَّانِيَةِ الْعَرَبُ وَتَسَمَّحَ فِي قَوْلِهِ كُلِّيٌّ عَلَى خِلَافِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مَدْلُولَ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ.

(وَالْأَوَّلُ) أَيْ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ (الْأَشْبَهُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَضْعِهِ الشَّخْصِيِّ وَالثَّانِي بِحَسَبِ وُقُوعِهِ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ أَوْ الشَّرْطِ مَثَلًا فَيَنْدَرِجُ تَحْتَ الْوَضْعِ النَّوْعِيِّ وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِثُبُوتِ قَاعِدَةٍ دَالَّةٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ يَكُونُ بِكَيْفِيَّةِ كَذَا فَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِلدَّلَالَةِ بِنَفْسِهِ عَلَى مَعْنًى مَخْصُوصٍ يُفْهَمُ مِنْهُ بِوَاسِطَةِ تَعَيُّنِهِ لَهُ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَكُونُ صِيَغُ الْعُمُومِ كُلُّهَا دَالَّةً عَلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ تَعْرِيفُهُ السَّابِقُ هَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْإِفْرَادِيُّ فَإِذَا عَرَضَ تَرْكِيبٌ كَجَاءَ عَبِيدِي كَانَ الْحُكْمُ مُتَعَلِّقًا بِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ عَلَى حِدَتِهِ إذْ هُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَكُونُ قَضِيَّةً كُلِّيَّةً ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي الْمُرَكَّبِ الْخَبَرِيِّ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْمُرَكَّبِ الْإِنْشَائِيِّ كَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ تَكُونُ الْكُلِّيَّةُ بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَهُ الْإِنْشَاءُ مِنْ الْخَبَرِ الْمُشْرِكُونَ مَطْلُوبٌ قَتْلُهُمْ مَثَلًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَمَدْلُولُهُ كُلِّيَّةٌ نَظَرًا إلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ

وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ أَيْ الْعَامُّ فِي التَّرْكِيبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كُلِّيَّةً وَكَوْنُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ التَّرْكِيبِ الْخَبَرِيِّ كُلَّ فَرْدٍ فَرْدٍ إلَخْ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ وُقُوعِهِ قَضِيَّةً كُلِّيَّةً وَالْمَحْصُورَاتُ يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهَا كَذَلِكَ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مُرَادٌ مِنْهُ مَجْمُوعُ الْأَفْرَادِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ سَابِقًا إنَّ مُسَمَّى الْعَامِّ وَاحِدٌ أَوْ هُوَ كُلُّ الْأَفْرَادِ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا دَلَالَةٌ مُطَابِقَةٌ وَمَا حَقَّقَهُ النَّاصِرُ هُنَاكَ أَنَّهَا تَضَمُّنِيَّةٌ فَإِنَّ الدَّلَالَةَ الْمُطَابِقِيَّةَ بِاعْتِبَارِ التَّرْكِيبِ الْخَبَرِيِّ وَأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَضَايَا بِعَدَدِ أَفْرَادِهِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَالتَّضَمُّنِيَّةُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِجَمِيعِ الْأَفْرَادِ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَمِيعُهَا لَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَكُلٌّ مِنْهَا بَعْضُ الْمَوْضُوعِ لَهُ لَا تَمَامُهُ فَيَكُونُ الْعَامُّ دَالًّا عَلَى الْفَرْدِ تَضَمُّنًا كَذَا وَجَّهَهُ النَّاصِرُ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَلْ هُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي جُزْئِيٍّ يَجِبُ صَرْفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَامَّ مَوْضُوعٌ لِلْحَقِيقَةِ الْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُطْلَقِ فَرْقٌ بَلْ هُوَ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ مِنْ قَبِيلِ الْكُلِّ وَبِالنَّظَرِ لِوُقُوعِهِ مَحْكُومًا عَلَيْهِ فِي فِي تَرْكِيبٍ جُزْئِيٍّ تَنْتَظِمُ مِنْهُ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ وَهَذَا الِاعْتِبَارُ مُتَأَتٍّ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ طَلَبًا كَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِمَا سَبَقَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَلْ هُوَ غَيْرُ كُلِّيٍّ إلَخْ أَيْ شَبِيهٌ بِالْكُلِّيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ أَفْرَادًا فَيَكُونُ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْكُلِّيِّ فِيهِ مَجَازَ اسْتِعَارَةٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ الْمُسَامَحَةِ.

(قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الْأَصْلِ) وَأَمَّا بَعْدَ إرَادَةِ الْخُصُوصِ فَلَا. (قَوْلُهُ: أَيْ فَرْدٍ مِنْهَا) صَرْفٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَنْ ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّ مَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ الْكُلِّيُّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَرْدَ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ الْعَامُّ لِكَوْنِ مَدْلُولِهِ جَمِيعَ الْأَفْرَادِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْجُزْئِيُّ هُنَا مَجَازًا عَنْ الْفَرْدِ كَمَا أَنَّ إطْلَاقَ الْكُلِّيِّ عَلَى مَدْلُولِ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ كُلِّيَّةٌ مَجَازٌ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِحَيْثِيَّةِ إلَخْ) أَيْ بِمُلَاحَظَةِ الْجُزْئِيِّ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ لَا مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُ الْكُلِّيِّ فِيهِ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ إلَّا لَوْ أُرِيدَ بِالْكُلِّيِّ وَالْجُزْئِيِّ حَقِيقَتُهُمَا مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكُلِّيَّةُ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الِاحْتِرَازِ؛ لِأَنَّ الْكُلِّيَّةَ يُرَادُ بِهَا الْأَفْرَادُ وَكَانَ هَذَا الْقَائِلُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَا شَاعَ مِنْ أَنَّ الْعَامَّ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ إلَخْ بِالْعَامِّ هُنَا مَعَ أَنَّك إذَا تَأَمَّلْت وَجَدْت الْعَامَّ الَّذِي ذَكَرُوهُ مُخَالِفًا لِلْعَامِّ هُنَا فَإِنَّهُمْ يُمَثِّلُونَ لَهُ بِنَحْوِ الْإِنْسَانِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي زَيْدٍ مَثَلًا وَهُوَ لَيْسَ بِعَامٍّ هُنَا؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ الْمَاهِيَّةُ وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ الْمَعْنَى الْعَامُّ أَيْ الْكُلِّيُّ الَّذِي لَهُ أَفْرَادٌ كَإِنْسَانٍ.

(قَوْلُهُ: لِقِيَامِهِ إلَخْ) أَيْ فَلِذَلِكَ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْعَامِّ لِهَذِهِ الْمَزِيَّةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا عَنْ سَائِرِ الْأَفْرَادِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ إلَخْ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مَارًّا عَلَى خِلَافِ مَا قَدَّمَهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ قَبْلَ التَّأْوِيلِ كَانَ تَنَاقُضًا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ وَتَسَمَّحَ إلَخْ) وَجْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015