أَنَّهُ (حَقِيقَةٌ) فِي الْبَعْضِ الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ (وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ) وَالِدِ الْمُصَنِّفِ (وَالْفُقَهَاءِ) الْحَنَابِلَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّ تَنَاوُلَ اللَّفْظِ لِلْبَعْضِ الْبَاقِي فِي التَّخْصِيصِ كَتَنَاوُلِهِ لَهُ بِلَا تَخْصِيصٍ وَذَلِكَ التَّنَاوُلُ حَقِيقِيٌّ اتِّفَاقًا فَلْيَكُنْ هَذَا التَّنَاوُلُ حَقِيقِيًّا أَيْضًا (وَقَالَ) أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ حَقِيقَةٌ (إنْ كَانَ الْبَاقِي غَيْرَ مُنْحَصِرٍ) لِبَقَاءِ خَاصَّةِ الْعُمُومِ وَإِلَّا فَمَجَازٌ (وَقَوْمٌ) حَقِيقَةٌ (إنْ خُصَّ بِمَا لَا يَسْتَقِلُّ) كَصِفَةٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَقِلُّ جُزْءٌ مِنْ الْمُقَيَّدِ بِهِ فَالْعُمُومُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَقَطْ وَ (إمَامُ الْحَرَمَيْنِ حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ بِاعْتِبَارَيْنِ تَنَاوُلِهِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ) أَيْ هُوَ بِاعْتِبَارِ تَنَاوُلِ الْبَعْضِ حَقِيقَةٌ وَبِاعْتِبَارِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ مَجَازٌ وَفِي نُسْخَةٍ بِاعْتِبَارِيٍّ بِلَا نُونٍ مُضَافًا وَهُوَ أَحْسَنُ (وَالْأَكْثَرُ مَجَازٌ مُطْلَقًا) لِاسْتِعْمَالِهِ فِي بَعْضِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّسَمُّحِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَلْ هُوَ كُلِّيٌّ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ كُلِّيٌّ ثُمَّ أُخْرِجَ عَنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ إلَى بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ مَدْلُولَ الْعَامِّ قَبْلَ التَّرْكِيبِ جَمِيعُ الْأَفْرَادِ، وَفِي حَالَةِ التَّرْكِيبِ يَكُونُ قَضِيَّةً كُلِّيَّةً وَقَوْلُ الْكَمَالِ وَتَبِعَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ كَوْنَ مَدْلُولِ الْعَامِّ كُلِّيَّةً إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ شُمُولِ الْحُكْمِ لِكُلِّ الْأَفْرَادِ وَإِذَا انْتَفَى هَذَا الشُّمُولُ كَانَ اسْتِعْمَالُ الْعَامِّ مِنْ قَبِيلِ اسْتِعْمَالِ الْكُلِّيِّ فِي الْجُزْئِيِّ لَا مِنْ قَبِيلِ الْجُزْئِيَّةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْكُلِّيَّةِ كَلَامٌ غَيْرُ مُحَرَّرٍ لِمَا سَمِعْت أَنَّ مَدْلُولَ الْعَامِّ لَيْسَ مِنْ الْكُلِّيِّ فِي شَيْءٍ فَتَدَبَّرْ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ
(قَوْلُهُ: إنَّهُ حَقِيقَةٌ) قَدَّرَ لَفْظَةَ إنَّهُ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ أَيْ الْأَشْبَهُ اتِّصَافُهُ بِكَوْنِهِ حَقِيقَةً وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ حَذْفُ الْمَوْصُولِ الْحَرْفِيِّ وَبَعْضِ صِلَتِهِ وَهُوَ الْهَاءُ؛ لِأَنَّ صِلَتَهُ هُوَ حَقِيقَةٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: لِلْبَعْضِ الْبَاقِي إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّخْصِيصَ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَأَمَّا اللَّفْظُ فَمُسْتَعْمَلٌ فِي الْجَمِيعِ كَمَا قَدَّمَهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِاعْتِبَارِ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ وَمَا قَدَّمَهُ مِنْ تَعْرِيفِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْأَشْبَهِ.
(قَوْلُهُ: فِي التَّخْصِيصِ) أَيْ بِالْحُكْمِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَنَاوُلِهِ.
(قَوْلُهُ: كَتَنَاوُلِهِ لَهُ) أَيْ بِمَنْزِلَتِهِ فِي أَنَّ اللَّفْظَ مُتَنَاوِلٌ لِلْجَمِيعِ وَعَامٌّ لَهَا فَيَرْجِعُ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ أَنَّ اللَّفْظَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْكُلِّ وَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ اللَّفْظَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُهُ فِي نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ إلَخْ) تَبِعَ فِي هَذَا النَّقْلِ وَالِدَهُ وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ الرَّازِيّ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَاقِي جَمْعًا فَحَقِيقَةٌ وَإِلَّا فَمَجَازٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي تَحْرِيرِهِ كَذَا نَقَلَ الْكَمَالُ فِي حَاشِيَتِهِ وَالشَّيْخُ خَالِدٌ فِي شَرْحِهِ وَاَلَّذِي فِي التَّلْوِيحِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ حَقِيقَةٌ إنْ كَانَ الْبَاقِي غَيْرَ مُنْحَصِرٍ أَيْ لَهُ كَثْرَةٌ يَعْسَرُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهَا وَإِلَّا فَمَجَازٌ اهـ.
فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلشَّارِحِ وَهُمَا أَدْرَى. (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ خَاصَّةِ الْعُمُومِ) وَهِيَ عَدَمُ الِانْحِصَارِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ مَحْصُورٍ.
(قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَسْتَقِلُّ) أَيْ بِمُخَصِّصٍ لَا يَسْتَقِلُّ فَإِنْ خُصَّ بِمَا يَسْتَقِلُّ مِنْ حِسٍّ أَوْ عَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَمَجَازٌ، نَحْوُ {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 25] وَنَحْوُ {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] قَالَ صَاحِبُ الْحَاصِلِ أَنَّ الْعَامَّ الْمُقَيَّدَ بِالصِّفَةِ مَثَلًا لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْمَوْصُوفِ إذْ لَوْ تَنَاوَلَهُ لَضَاعَتْ فَائِدَةُ الصِّفَةِ وَإِذَا كَانَ مُتَنَاوِلًا لَهُ فَقَطْ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْعَامِّ الْمُخَصَّصِ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ فَإِنَّ لَفْظَهُ يَتَنَاوَلُ الْمُخْرَجَ عَنْهُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهِ فَيَكُونُ مَجَازًا وَإِلَّا لَزِمَ الِاشْتِرَاكُ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَا يَسْتَقِلُّ) مَا وَافَقَهُ عَلَى مُخَصِّصٍ.
(قَوْلُهُ: بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَقَطْ) أَيْ فَالْعُمُومُ فِي الْمُقَيَّدِ بِمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَقَطْ أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى مَا لَا يَسْتَقِلُّ وَأَمَّا مَا يَسْتَقِلُّ فَلَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْمُقَيَّدِ بِهِ فَلَيْسَ الْعُمُومُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَقَطْ فَالْعُمُومُ فِي قَوْلِك أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ الْفُقَهَاءَ فِي الصِّفَةِ أَيْ أَكْرِمْ جَمِيعَ الْفُقَهَاءِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَفِي قَوْلِك أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إنْ جَاءُوا فِي الشَّرْطِ أَيْ أَكْرِمْ جَمِيعَ الْجَائِعِينَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَفِي أَكْرِمْ الْقَوْمَ إلَّا زَيْدًا أَيْ أَكْرِمْ الْقَوْمَ الْمُخْرَجَ مِنْهُمْ زَيْدٌ.
(قَوْلُهُ: تَنَاوُلِ الْبَعْضِ) أَيْ فِي ضِمْنِ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ مِنْ اللَّفْظِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً.
(قَوْلُهُ: مَجَازٌ) أَيْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْكُلِّ فِي الْجُزْءِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحْسَنُ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الِاخْتِصَارِ فِيهِ اسْتِغْنَاءٌ عَنْ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَى التَّنَاوُلِ وَالِاقْتِصَارِ أَيْ اعْتِبَارِ تَنَاوُلِهِ وَاعْتِبَارِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّنَاوُلَ وَالِاقْتِصَارَ مُعْتَبَرَانِ لَا اعْتِبَارَانِ