وَصِفَاتِهِ (لَا أَمْرًا) كَقَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ وَقَدْ أَحْسَنَ إلَيْهِ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْك فَأَكْرِمْهُ لِبُعْدِ أَنْ يُرِيدَ الْآمِرَ نَفْسَهُ بِخِلَافِ الْمُخْبِرِ وَقِيلَ يَدْخُلُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ مُطْلَقًا لِبُعْدِ أَنْ يُرِيدَ الْمُخَاطِبُ نَفْسَهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ الرَّوْضَةِ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فِي الْأُصُولِ وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ الدُّخُولَ فِي الْأَمْرِ فِي مَبْحَثِهِ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (وَ) الْأَصَحُّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQحُكْمِ اطِّرَادِ الْقَرَائِنِ وَغَلَبَتِهَا فَإِنَّ مَنْ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِدَرَاهِمَ مِنْ مَالِهِ فَقَالَ فِي تَقْيِيدِ مُرَادِهِ لِمَأْمُورِهِ مَنْ دَخَلَ الدَّارَ فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا فَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فَحَكَمَتْ الْقَرَائِنُ وَجَرَتْ عَلَى قَضِيَّتِهَا وَاللَّفْظُ صَالِحٌ وَلَوْ قَالَ لِمَنْ يُخَاطِبُهُ مَنْ وَعَظَك فَاتَّعِظْ وَمَنْ نَصَحَك فَاقْبَلْ نَصِيحَتَهُ فَلَا قَرِينَةَ تُخْرِجَ الْمُخَاطِبَ فَلَا جَرَمَ إذَا نَصَحَهُ كَانَ مَأْمُورًا بِقَبُولِ نَصِيحَتِهِ بِحُكْمِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَصِفَاتِهِ) زَادَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ الذَّاتُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الصِّفَاتِ لَيْسَتْ غَيْرًا فَلَا يُقَالُ الْأَوْلَى حَذْفُهُ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ وَالشَّارِحَ سَكَتَا عَنْ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالْفَتْحِ هَلْ يَدْخُلُ فِي خِطَابِهِ أَوْ لَا وَلَا يَبْعُدُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَمْهِيدِهِ تَخْرِيجُ الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي الْمُخَاطَبِ بِفَتْحِ الطَّاءِ كَقَوْلِهِ أَعْطِ هَذَا مَنْ شِئْت أَوْ وَكَّلْتُك فِي إبْرَاءِ غُرَمَائِي وَكَانَ الْمُخَاطَبُ مِنْهُمْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا يُعْطِي نَفْسَهُ وَلَا يُبْرِئُهَا وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ أَمْرِ الْمُخَاطِبِ لَهُ وَمِنْهَا إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ نَفْسَهُ وَلَا أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ إيجَارُ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَمِنْهَا مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْت فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ ثَلَاثٌ غَيْرُهَا أَمْ أَقَلُّ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَلَاثٌ غَيْرُهَا نَظَرٌ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا أَمْرًا) أَيْ وَلَا نَهْيًا.

(قَوْلُهُ: لِبُعْدِ أَنْ يُرِيدَ الْآمِرُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَأَمَّا نَحْوُ مَنْ مَاتَ فَادْفِنْهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِقَرِينَةٍ) فَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) فَهِمَ الشَّارِحُ مِنْ ظَاهِرِهِ عَدَمَ دُخُولِ الْمُخَاطَبِ فِي خِطَابِهِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي الْإِنْشَاءِ بِقَرِينَةِ مَا عَلَّلَهُ بِهِ وَهُوَ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَتَعَقَّبَهُ سم بِأَنَّ مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَا صَارِفَ عَنْهُ وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْقَرِينَةِ لَيْسَ بِقَرِينَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ عَطْفًا عَلَى مَنْقُولَاتٍ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ مَا نَصُّهُ وَإِنَّهُ لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ وَعَنْ غَيْرِهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْخِطَابِ قُلْت الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ وَكَذَا الْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ إلَّا مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ اهـ.

وَفِي الرَّافِعِيِّ إذَا قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي لَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يُطَلَّقْنَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ حَتَّى إذَا أَشَارَ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ فَقَالَ طَلَّقْت هَذِهِ وَزَوْجَتِي لَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَتَعَقَّبَ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ بِقَوْلِ سَيِّدِنَا عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ وَقَفَ بِئْرَ رُومَةَ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَافْتَقَرَ فَإِنَّ الرَّاجِحَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَدْخُلُ فَإِنَّهُ قَالَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَجَّحَ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ لَا يَدْخُلُ وَكَذَلِكَ السَّرَخْسِيُّ فِي الْأَمَالِي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ وَمِنْهَا مَا إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ أَوْلَادِ أَبِي أَوْ أَفْقَهِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَانَ الْوَاقِفُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ صَحَّ وَصُرِفَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَتَّصِفُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَإِنْ قُلْنَا يَدْخُلُ فَيُحْتَمَلُ الْقَوْلُ بِهِ هَاهُنَا أَيْضًا وَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ وَيُحْتَمَلُ الصِّحَّةُ وَيَكُونُ بُطْلَانُهُ فِي النَّفْسِ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى إخْرَاجِهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ الْعُمُومَ فَإِنْ أَرَادَ مَا عَدَا نَفْسَهُ صَحَّ وَكَانَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُفْتِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَعَمِلَ بِهِ فَإِنَّهُ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَفْقَهِ أَوْلَادِ أَبِيهِ وَبَقِيَ هُوَ يَتَنَاوَلُهُ، لِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ وَمَا صَدَرَ مِنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015