(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ خِطَابَ الْوَاحِدِ) بِحُكْمٍ فِي مَسْأَلَةٍ (لَا يَتَعَدَّاهُ) إلَى غَيْرِهِ (وَقِيلَ يَعُمُّ) غَيْرَهُ (عَادَةً) لِجَرَيَانِ عَادَةِ النَّاسِ بِخِطَابِ الْوَاحِدِ وَإِرَادَةِ الْجَمْعِ فِيمَا يَتَشَارَكُونَ فِيهِ قُلْنَا مَجَازٌ يَحْتَاجُ إلَى الْقَرِينَةِ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ خِطَابَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ بِيَا أَهْلَ الْكِتَابِ) ، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] (لَا يَشْمَلُ الْأُمَّةَ) وَقِيلَ يَشْمَلُهُمْ فِيمَا يَتَشَارَكُونَ فِيهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُخَاطِبَ) بِكَسْرِ الطَّاءِ (دَاخِلٌ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ إنْ كَانَ خَبَرًا) ، نَحْوُ {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282] وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَالِمٌ بِذَاتِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ خِطَابَ الْوَاحِدِ) أَيْ وَخِطَابَ الِاثْنَيْنِ أَوْ خِطَابَ الْجَمَاعَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَفْظُ الْوَاحِدِ لَا مَفْهُومَ لَهُ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَعَمُّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ مُخَاطَبَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظٍ يَخْتَصُّ بِهِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَتَحْرِيرُ الْكَلَامِ أَنَّ الْخِطَابَ الْخَاصَّ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأُمَّةِ إنْ اقْتَرَنَ بِمَا يَخُصُّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ فَلَا يَكُونُ غَيْرُهُ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ كَحَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ فِي الْعَنَاقِ فِي الصَّحِيحَيْنِ «يُجْزِيك وَلَنْ يُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك» وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ فَفِيهِ مَذَاهِبُ الْأَوَّلُ عَدَمُ التَّنَاوُلِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ.

الثَّانِي: وَيُعْزَى لِلْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ عَامٌّ بِنَفْسِهِ وَكَلَامُ الْقَاضِي هُوَ عَامٌّ بِالشَّرْعِ لَا بِاللُّغَةِ الثَّالِثُ وَبِهِ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ الْحَنَابِلَة أَنَّهُ إنْ وَقَعَ جَوَابًا لِسُؤَالٍ «كَقَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَاقَعْت أَهْلِي فِي رَمَضَانَ فَقَالَ أَعْتِقْ» كَانَ عَامًّا وَإِلَّا فَلَا، نَحْوُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ.

(قَوْلُهُ: لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ) أَيْ بَلْ الْحُكْمُ ثَابِتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِالْقِيَاسِ وَبِنَحْوِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُبَايَعَةِ النِّسَاءِ إنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ وَمَا قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا كَقَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَأَمَّا حَدِيثُ «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ» فَلَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مَعْنَوِيٌّ وَلَيْسَ لَفْظِيًّا كَمَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَعُمُّ غَيْرَهُ) لَمْ يُرِدْ الْعُمُومَ الْمُصْطَلَحَ بَلْ مُطْلَقَ التَّنَاوُلِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ تَجُوزُ حَيْثُ جُعِلَ الْعُمُومُ مِنْ عَوَارِضِ الْخِطَابِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَلَمْ يَقُلْ وَقِيلَ يَتَعَدَّاهُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ تَفْسِيرَ التَّعَدِّي هُنَا بِعُمُومِ غَيْرِهِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ إذْ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّعَدِّي إلَى غَيْرِهِ انْقِطَاعُهُ عَنْهُ وَتَعَلُّقُهُ بِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَتَشَارَكُونَ فِيهِ) أَمَّا مَا لَا يَتَشَارَكُونَ فِيهِ فَلَا يَعُمُّ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ: قُلْنَا مَجَازٌ) أَيْ وَإِرَادَةُ الْجَمِيعِ فِيمَا يَتَشَارَكُونَ فِيهِ مَجَازٌ أَيْ وَالْكَلَامُ فِي التَّنَاوُلِ بِطَرِيقِ الْوَضْعِ وَالْحَقِيقَةِ

(قَوْلُهُ: خِطَابَ الْقُرْآنِ) أَيْ خِطَابَ الشَّارِعِ الْوَاقِعَ فِي الْقُرْآنِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَتَشَارَكُونَ فِيهِ) بِخِلَافِ مَا لَا يَتَشَارَكُونَ فِيهِ فَلَا يَعُمُّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى لِأَهْلِ بَدْرٍ {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا} [الأنفال: 69] قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُسَوَّدَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَلَفْظُهُ يَشْمَلُهُمْ إنْ شَرِكُوهُمْ فِي الْمَعْنَى وَإِلَّا فَلَا قَالَ ثُمَّ الشُّمُولُ هُوَ هُنَا هَلْ بِطَرِيقِ الْعَادَةِ الْعُرْفِيَّةِ أَوْ الِاعْتِبَارِ الْعَقْلِيِّ فِيهِ الْخِلَافُ وَعَلَى هَذَا يَنْبَنِي اسْتِدْلَالُ الْأَئِمَّةِ بِمِثْلِ قَوْله تَعَالَى {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} [البقرة: 44] الْآيَةَ فَإِنْ هَذِهِ الضَّمَائِرَ لِبَنِي إسْرَائِيلَ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْخِطَابِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا خِطَابُهُمْ عَلَى لِسَانِ أَنْبِيَائِهِمْ فَهِيَ مَسْأَلَةُ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي عُمُومِ خِطَابِهِ) أَيْ فِي عُمُومِ مُتَعَلِّقِ خِطَابِهِ.

(قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فِي هَذَا التَّمْثِيلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ هُوَ مَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِكَلَامٍ يَصْلُحُ لِشُمُولِهِ هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْ لَا سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ خِطَابٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفِيدَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَاطَبِ وَإِفَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ لَهُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْخِطَابِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ الرَّأْيُ الْحَقُّ عِنْدِي أَنَّهُ يَدْخُلُ الْمُخَاطِبُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَخِطَابِهِ إذَا كَانَ اللَّفْظُ فِي الْوَضْعِ صَالِحًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَلَكِنَّ الْقَرَائِنَ هِيَ الْمُحَكَّمَةُ وَهِيَ غَالِبَةٌ جِدًّا فِي خُرُوجِ الْمُخَاطِبِ عَنْ حُكْمِ خِطَابِهِ وَاعْتَقَدَ بَعْضُ النَّاسِ خُرُوجَهُ عَنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَالْوَضْعِ وَذَلِكَ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015