(أَنَّ نَحْوَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [التوبة: 103] يَقْتَضِي الْأَخْذَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ) وَقِيلَ لَا بَلْ يَمْتَثِلُ بِالْأَخْذِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ (وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ) عَنْ تَرْجِيحِ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالْأَوَّلُ نَاظِرٌ إلَى أَنَّ الْمَعْنَى مِنْ جَمِيعِ الْأَمْوَالِ وَالثَّانِي إلَى أَنَّهُ مِنْ مَجْمُوعِهَا

(التَّخْصِيصُ) مَصْدَرُ خَصَّصَ بِمَعْنَى خُصَّ (قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ) بِأَنْ لَا يُرَادَ مِنْهُ الْبَعْضُ الْآخَرُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَرْدُودٌ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ نَحْوَ خُذْ إلَخْ) الْكَلَامُ فِي اللَّفْظِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الْآيَةُ قَامَتْ أَدِلَّةٌ عَلَى تَخْصِيصِهَا بِالْأَمْوَالِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَنَظِيرُهُ مَا وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى فِيمَا لَوْ شُرِطَ عَلَى الْمُدَرِّسِ أَنْ يُلْقِيَ كُلَّ يَوْمٍ مَا تَيَسَّرَ مِنْ عُلُومٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ التَّفْسِيرُ وَالْأُصُولُ وَالْفِقْهُ هَلْ يَجِبُ أَنْ يُلْقِيَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ يُلْقِيَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا اهـ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ أَنْ يُلْقِيَ الْمُدَرِّسُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ لَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّصْحِيحِ وَجَعَلَ مِنْ فُرُوعِهَا أَيْضًا صِحَّةَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى مَا وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ كَالْخَيْلِ وَنَحْوِهِ

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا) احْتِيجَ لَهُ بِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِبَعْضِ مَدْخُولِهَا وَلَوْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّبْعِيضَ فِي الْعَامِّ إنَّمَا يُكَوَّمُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّهُ مِنْ مَجْمُوعِهَا) الصَّادِقِ بِالْبَعْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَدْلُولَ الْجَمْعِ كُلٌّ لَا كُلِّيَّةٌ

(قَوْلُهُ: التَّخْصِيصُ) أَلْ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَعْلُومًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْجَمَةً فَيُعْرَبَ إعْرَابَهَا الْمَشْهُورَ أَوْ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى خُصَّ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِي صِيغَةِ التَّفْصِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَصْلُ الْفِعْلِ الصَّادِقِ بِمَرَّةٍ.

(قَوْلُهُ: قَصْرُ الْعَامِّ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ قَصَرَ الشَّارِعُ الْعَامَّ وَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ حُكْمِ الْعَامِّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَابِلُ لَهُ حُكْمٌ ثَبَتَ لِمُتَعَدِّدِ وَالْمُرَادُ قَصْرُهُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الشُّمُولِ لِيَشْمَلَ الْقِسْمَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِدَلِيلٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْرَ الشَّرْعِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ لَكِنْ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ أَفْرَادِهِ بِالْغَالِبَةِ لِيَخْرُجَ النَّادِرَةُ وَغَيْرُ الْمَقْصُودَةِ فَإِنَّ الْقَصْرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَيْسَ تَخْصِيصًا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَلِذَلِكَ ضَعُفَ تَأْوِيلُهُمْ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» بِحَمْلِهِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمَمْلُوكَةِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فَلَا يُقْصَرُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ.

وَأَجَابَ عَنْهُ الْبِرْمَاوِيُّ بِأَنَّهُ مَعَ نُدُورِهِ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِذَلِكَ وَفِي الْبُرْهَانِ قَالَ قَائِلُونَ الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّغِيرَةِ فَأُنْكِرَ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ لَهُمْ لَيْسَتْ الصَّغِيرَةُ امْرَأَةً فِي حُكْمِ اللِّسَانِ كَمَا لَيْسَ الصَّبِيُّ رَجُلًا وَالْتَزَمُوا سُقُوطَ التَّأْوِيلِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ بِأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا انْعَقَدَ النِّكَاحُ صَحِيحًا وَبَقِيَ مَوْقُوفَ النَّفَاذِ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثُمَّ أَكَّدَ الْبُطْلَانَ بِتَكَرُّرِ الْبَاطِلِ ثَلَاثًا وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْأَمَةِ وَزَعَمُوا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ تَسْمِيَةُ الْأَمَةِ امْرَأَةً وَرُدَّ ذَلِكَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّغِيرَةِ.

الثَّانِي: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ» وَمَهْرُ الْأَمَةِ لِمَوْلَاهَا وَزَعَمَ مَنْ يَدَّعِي التَّحْقِيقَ وَالتَّحَذُّقَ مِنْ مُتَأَخِّرَيْهِمْ أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ وَاسْتَفَادُوا بِأَكْمَلَ عَلَيْهَا عَلَى زَعْمِهِمْ اسْتِحْقَاقَهَا الْمَهْرَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ أَعَمَّ الْأَلْفَاظِ إذْ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ مِنْ أَعَمِّ الصِّيَغِ وَأَعَمُّهَا مَا وَأَيُّ فَإِذَا فُرِضَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَانَ بَالِغًا فِي مُحَاوَلَةِ التَّعْمِيمِ إذَا ابْتَدَأَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمًا وَلَمْ يُجْرِهِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ وَلَمْ يُطَبِّقْهُ عَلَى حِكَايَةِ حَالٍ وَلَمْ يُصْدَرْ مِنْهُ حَلًّا لِلْإِعْضَالِ وَالْإِشْكَالِ فِي بَعْضِ الْمَحَالِّ بَلْ قَالَ مُبْتَدِئًا أَيُّمَا امْرَأَةٍ إلَخْ فَانْتَحَى أَعَمَّ الصِّيَغِ وَظَهَرَ مِنْ حَالِهِ قَصْدُ تَأْسِيسِ الشَّرْعِ بِقَرَائِنَ بَيِّنَةٍ فَمَنْ ظَنَّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ الْمُكَاتَبَةَ عَلَى حِيَالِهَا دُونَ الْحَرَائِرِ اللَّوَاتِي هَذِهِ الْغَالِبَاتُ وَالْمَقْصُودَاتُ فَقَدْ قَالَ مُحَالًا اهـ. بِاخْتِصَارٍ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يُرَادَ إلَخْ) صَادِقٌ بِأَنْ يُرَادَ عَدَمُ ذَلِكَ الْبَعْضِ الْأُخَر وَصَادِقٌ بِحَالَةِ السُّكُوتِ عَنْ الْإِرَادَةِ وَمِنْ حَالَةِ إرَادَةِ الْمَقْصُودِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ مَا قِيلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ هَلْ الْمُسْتَثْنَى مَسْكُوتٌ عَنْهُ أَوْ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِالنَّقِيضِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْإِرَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لِئَلَّا يُخَالِفَ مُخْتَارَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَالْعَامُّ الْمَخْصُوصُ إلَخْ وَلِيُنَاسِبَ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي نَبَّهَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْمَخْصُوصَ إلَخْ فَإِنْ قِيلَ التَّخْصِيصُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015