بِأَنْ تَدُلَّ عَلَيْهِ بِالْمُطَابَقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعَامِّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةٌ (وَقِيلَ لُزُومًا وَعَلَيْهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ كَالْحَنَفِيَّةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ النَّفْيَ أَوَّلًا لِلْمَاهِيَّةِ وَيَلْزَمُهُ نَفْيُ كُلِّ فَرْدٍ فَيُؤَثِّرُ التَّخْصِيصُ بِالنِّيَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.

(نَصًّا إنْ بَنَيْت عَلَى الْفَتْحِ) نَحْوُ لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ (وَظَاهِرًا إنْ لَمْ تَبْنِ) نَحْوُ مَا فِي الدَّارِ رَجُلٌ فَيَحْتَمِلُ نَفْيَ الْوَاحِدِ فَقَطْ وَلَوْ زِيدَ فِيهَا مِنْ كَانَتْ نَصًّا أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرُوفِ أَنَّ مِنْ تَأْتِي لِتَنْصِيصِ الْعُمُومِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ لِلْعُمُومِ نَحْوُ مَنْ يَأْتِنِي بِمَالٍ أُجَازِهِ فَلَا يَخْتَصُّ بِمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّكِرَةَ نَفْسَهَا بَعْدَ النَّفْيِ وَشَمَلَ كَلَامُهُ النَّكِرَةَ الْمَجْمُوعَةَ جَمْعَ تَكْسِيرٍ فَإِنَّ أَفْرَادَهُ آحَادٌ عَلَى التَّحْقِيقِ وَإِنَّهُ مَعَ بِنَائِهِ عَلَى الْفَتْحِ نَحْوَ لَا رِجَالَ لَيْسَ نَصًّا فِي الْعُمُومِ فَيُشْكِلُ كَلَامُهُ نَعَمْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَفْرَادَهُ جُمُوعٌ لَا إشْكَالَ وَخَرَجَ الْمُثَنَّاةُ وَالْمَجْمُوعَةُ جَمْعَ سَلَامَةٍ نَحْوُ لَا رَجُلَيْنِ وَلَا مُسْلِمَيْنِ إذْ بِنَاؤُهُمَا عَلَى الْيَاءِ لَا عَلَى الْفَتْحِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْفَتْحِ مَا يَشْمَلُ نَائِبَهُ كَالْيَاءِ هُنَا وَهَلْ تُعَمَّمُ مُتَعَلِّقَاتُ الْفِعْلِ قَالَ الْقَرَافِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهَا إنَّمَا تُعَمَّمُ فِي الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ إذَا كَانَا مُتَعَلِّقَ الْفِعْلِ أَمَّا مَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ فِي نَحْوِ قَوْلِنَا مَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ، أَوْ مَا جَاءَ فِي الْيَوْمِ أَحَدٌ فَلَيْسَ نَفْيًا لِلطَّرَفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَكَذَلِكَ مَا جَاءَنِي أَحَدٌ ضَاحِكًا، أَوْ إلَّا ضَاحِكًا لَيْسَ نَفْيًا لِلْأَحْوَالِ وَضَاحِكٌ مُثْبَتٌ مُسْتَثْنًى مِنْ أَحْوَالٍ مُثْبَتَةٍ وَنَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ إيجَابٍ اهـ. وَهُوَ نَقْلٌ عَزِيزٌ غَرِيبٌ

وَقَدْ اسْتَدَلَّ عَلَى إفَادَةِ النَّكِرَةِ لِلْعُمُومِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: 91] فِي رَدِّ {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 91] فَلَوْ لَمْ يَكُنْ: " مِنْ شَيْءٍ " لِلسَّلْبِ الْكُلِّيِّ لَمَا اسْتَقَامَ رَدُّهُ بِالْإِيجَابِ الْجُزْئِيِّ؛ إذْ الْإِيجَابُ الْجُزْئِيُّ لَا يُنَافِي السَّلْبَ الْجُزْئِيَّ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَدُلَّ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَقِيلَ لُزُومًا فَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَضْعِ وَضْعٌ خَاصٌّ وَهُوَ دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ (قَوْلُهُ: فَيُؤَثِّرُ التَّخْصِيصُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَبَيَانٌ لِفَائِدَةِ الْخِلَافِ وَحَاصِلُهُ أَنَّا إذَا قُلْنَا: الدَّلَالَةُ وَضْعِيَّةٌ فَالتَّخْصِيصُ بِالنِّيَّةِ مُعْتَبَرٌ لِعَدَمِ الْمُغَايَرَةِ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا عَقْلِيَّةٌ فَلَا يُؤَثِّرُ التَّخْصِيصُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَمْرٌ عَقْلِيٌّ فَتُنَافِي مَا حَكَمَ بِهِ الْعَقْلُ مِنْ الْعُمُومِ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ التَّخْصِيصُ فِي الْأَمْرِ الْمَلْفُوظِ بِهِ قَالَ الْكَمَالُ: وَمُقْتَضَى هَذَا التَّفْرِيعِ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت طَعَامًا وَنَوَى طَعَامًا خَاصًّا وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ إنَّمَا الْمَعْرُوفُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَحْكَامِ وَالْمَحْصُولِ وَغَيْرِهِمَا تَفْرِيعُ قَبُولِ التَّخْصِيصِ بِالنِّيَّةِ وَنَفْيِهِ عَلَى قَاعِدَةِ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي إذَا وَقَعَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لَا أَكَلْت، أَوْ لَا آكُلُ دُونَ مَفْعُولٍ خَاصٍّ فَإِنَّهُ عَامٌّ فِي مَفْعُولَاتِهِ فَلَوْ قَالَ: لَا آكُلُ، أَوْ: إنْ أَكَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ وَنَوَى مَأْكُولًا خَاصًّا قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا دِيَانَةً لَا قَضَاءً

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ لَا دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ فِيهِ لِلْمَاهِيَّةِ فَإِذًا انْتَفَتْ الْأَفْرَادُ؛ إذْ لَوْ بَقِيَ فَرْدٌ لَمْ يَصْدُقْ انْتِفَاءُ الْمَاهِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى الْإِخْرَاجُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْأَفْرَادِ فِيهِ مُطَابَقَةٌ فَيُمْكِنُ نَفْيُ بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَإِبْقَاءُ بَعْضٍ وَقَدْ يُقَالُ: إذَا سَاغَ التَّخْصِيصُ بِاللَّفْظِ فَبِالنِّيَّةِ لَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرًا إلَخْ) وَلِهَذَا قَالَ فِي الْكَشَّافِ: إنَّ قِرَاءَةَ {لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] بِالْفَتْحِ تُوجِبُ الِاسْتِغْرَاقَ وَبِالرَّفْعِ تُجَوِّزُهُ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ) أَيْ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْعُمُومِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ نَصًّا) ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ الزَّائِدَ لِلتَّأْكِيدِ وَالْعُمُومُ كَانَ ظَاهِرًا فَإِذَا أُكِّدَ صَارَ نَصًّا

(قَوْلُهُ: فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ) ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالنَّفْيِ لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ الْوُقُوعَ قَالَ فِي التَّلْوِيحِ الشَّرْطُ فِي مِثْلِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ، أَوْ امْرَأَتِي طَالِقٌ لِلْيَمِينِ عَلَى تَحْقِيقٍ وَيَقْتَضِي مَضْمُونَ الشَّرْطِ فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مُثْبَتًا مِثْلُ: إنْ ضَرَبْت رَجُلًا فَكَذَا فَهُوَ يَمِينٌ لِلْمَنْعِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك: وَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُ رَجُلًا وَإِنْ كَانَ مَنْفِيًّا مِثْلُ: إنْ لَمْ أَضْرِبْ رَجُلًا فَكَذَا يَمِينٌ لِلْحَمْلِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك: وَاَللَّهِ لَأَضْرِبَنِّ رَجُلًا وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّكِرَةَ فِي الشَّرْطِ الْمُثْبَتِ خَاصٌّ يُفِيدُ الْإِيجَابَ الْجُزْئِيَّ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي جَانِبِهِ النَّقِيضُ لِلْعُمُومِ وَالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ وَالنَّكِرَةُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015