فَيَعُمُّ كَالْمُتَمَيِّزِ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ كَالتَّمْرِ كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ» وَكَانَ مُرَادُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يُمَثِّلْ إلَّا بِمَا يَتَمَيَّزُ وَاحِدُهُ بِالْوَحْدَةِ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ عَهْدٌ صُرِفَ إلَيْهِ جَزْمًا وَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَى مَعْرِفَةٍ لِلْعُمُومِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ يَعْنِي مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ نَحْوُ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] أَيْ كُلِّ أَمْرٍ لِلَّهِ وَخُصَّ مِنْهُ أَمْرُ النَّدْبِ.
(وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لِلْعُمُومِ وَضْعًا)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُفْرَدِ، نَحْوُ رُومٍ وَرُومِيٍّ. (قَوْلُهُ: فَيَعُمُّ) أَيْ عِنْدَ تَجَرُّدِهِ مِنْ التَّاءِ.
قَوْلُهُ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا» أَيْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الذَّهَبِ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الذَّهَبِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا هَاءَ وَهَاءَ) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَهِيَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى خُذْ كِنَايَةً عَنْ التَّقَابُضِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْحُلُولِ غَالِبًا قَالَ الشَّيْخُ الْغُنَيْمِيُّ وَيُتَأَمَّلُ فِي مَوْقِعِهِ مِنْ الْإِعْرَابِ فَإِنَّ اسْمَ الْفِعْلِ لَا يَتَأَثَّرُ بِالْعَوَامِلِ اللَّفْظِيَّةِ وَيَخْطِرُ بِالْبَالِ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فِي الْأَصْلِ اسْمُ فِعْلٍ لَكِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي التَّقَابُضِ عَلَى وَجْهِ التَّجَوُّزِ فَهُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَكَانَ مُرَادُ إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّ اقْتِصَارَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ عَلَى التَّمْثِيلِ بِمَا يَتَمَيَّزُ وَاحِدُهُ بِالْوَحْدَةِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ مُرَادَهُ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا غَيْرَ أَنَّ عِبَارَةَ الْغَزَالِيِّ أَفَادَتْ التَّفْصِيلَ الْمَقْصُودَ لَهُمَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْغَزَالِيَّ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَصْفَى الَّذِي هُوَ آخِرُ تَأْلِيفِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْخُولِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَوَّلِهَا.
وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَنْخُولِ بِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي تَعْلِيقِهِ يَعْنِي الْبُرْهَانَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِي الْمَعْنَى أَوْ نَقْصٍ وَهُوَ أَدْرَى بِمَعْنَى كَلَامِ شَيْخِهِ الَّذِي يَقْرَؤُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُشَافِهُهُ بِمَعْنَاهُ اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُمَثِّلْ) أَيْ فِيمَا لَا يَعُمُّ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمُفْرَدُ مُعَرَّفًا بِالْإِضَافَةِ اللَّفْظِيَّةِ، نَحْوُ جَاءَنِي ضَارِبُ زَيْدٍ فَهَلْ يَعُمُّ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ فِي نِيَّةِ الِانْفِصَالِ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى الصَّفِيِّ الْهِنْدِيِّ فِي النِّهَايَةِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُمْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ قَضِيَّةِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَلَامِ التَّعْرِيفِ اهـ.
وَأَقُولُ فِي التَّمْهِيدِ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا الْفَرْدُ الْمُضَافُ فَفِي الْمَحْصُولِ وَمُخْتَصَرَاتِهِ فِي أَثْنَاءِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَوْنِ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ أَنَّهُ يَعُمُّ، وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ عَنْ الرَّوْضَةِ فِي الْأُصُولِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْبَيْضَاوِيُّ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ فُرُوعًا مِنْهَا إذَا أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِوَلَدِ زَيْدٍ وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ أَخَذُوا كُلُّهُمْ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَأَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذِهِ الْمَزَادَةَ أَوْ الْجُبِّ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِشُرْبِ الْجَمِيعِ وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْهُ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ بَعْضِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا فِيمَا لَا يُمْكِنُ شُرْبُهُ عَادَةً كَالْبَحْرِ وَكَالنَّهْرِ وَالْبِئْرِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ لَا بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْبَعْضِ وَمِنْهَا مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزَ الْكُوفَةِ أَوْ بَغْدَادَ لَمْ يَحْنَثْ بِبَعْضِهِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ.
وَأَمَّا مَنْ لَهُ زَوْجَاتٌ وَعَبِيدٌ فَقَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى ذَاتٍ وَاحِدَةٍ وَتُعَيَّنُ وَلَا يَعُمُّ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ لِلتَّعْلِيلِ السَّابِقِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ الْعُمُومَ. (قَوْلُهُ: أَيْ كُلِّ أَمْرٍ إلَخْ) بُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ الْعُمُومَ يَقْتَضِي أَنَّ التَّحْذِيرَ لِمَنْ خَالَفَ جَمِيعَ الْمَأْمُورَاتِ لَا مَنْ خَالَفَ الْبَعْضَ فَقَطْ وَأُجِيبَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ بِالسَّلْبِ الرَّافِعِ لِلْإِيجَابِ الْكُلِّيِّ أَيْ لَا يَمْتَثِلُونَ كُلَّ أَمْرٍ لَهُ بَلْ بَعْضَ الْأُمُورِ فَقَطْ فَتُفِيدُ تَرَتُّبَ الْوَعِيدِ عَلَى الْبَعْضِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: فِي سِيَاقِ النَّفْيِ) وَمِثْلُهُ النَّهْيُ وَكَذَلِكَ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98] إلَخْ {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] وَهَذَا مُنْدَرِجٌ فِي النَّفْيِ كَمَا لَا يَخْفَى ثُمَّ إنَّ التَّعْبِيرَ بِالسِّيَاقِ يَشْمَلُ وُقُوعَ ضَمِيرِ النَّكِرَةِ بَعْدَ النَّفْيِ مَعَ تَقَدُّمِ النَّكِرَةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ النَّفْيِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْبَعْدِيَّةِ وُقُوعُ