مُرَادُهُ الْعُمُومُ الْبَدَلِيُّ لَا الشُّمُولِيُّ أَيْ بِقَرِينَةِ الْمِثَالِ أَقُولُ وَقَدْ تَكُونُ لِلشُّمُولِ نَحْوُ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} [التوبة: 6] أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
(وَقَدْ يُعَمَّمُ اللَّفْظُ عُرْفًا كَالْفَحْوَى) أَيْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ بِقِسْمَيْهِ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِي عَلَى قَوْلٍ تَقَدَّمَ نَحْوُ {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى} [النساء: 10] الْآيَةُ قَبْلَ نَقْلِهِمَا الْعُرْفُ إلَى تَحْرِيمِ جَمِيعِ الْإِيذَاءَاتِ وَالْإِتْلَافَاتِ وَإِطْلَاقُ الْفَحْوَى عَلَى مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْطِ الْمَنْفِيِّ عَامٌّ يُفِيدُ السَّلْبَ الْكُلِّيَّ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي جَانِبِ النَّقِيضِ لِلْخُصُوصِ وَالْإِيجَابِ الْجُزْئِيِّ فَظَهَرَ أَنَّ عُمُومَ النَّكِرَةِ فِي مَوْضِعِ الشَّرْطِ لَيْسَ إلَّا عُمُومَ النَّكِرَةِ فِي مَوْضِعِ النَّفْي اهـ.
(قَوْلُهُ: مُرَادُهُ الْعُمُومُ الْبَدَلِيُّ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْعُمُومَ ثَابِتٌ لِلنَّكِرَةِ أَصْلِهِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ الْمِثَالِ) أَيْ مَنْ يَأْتِنِي فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَهُ كُلُّ مَالٍ فِي الدُّنْيَا وَفِيهِ نَظَرًا؛ لِأَنَّ الْعُمُومَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَالتَّعْلِيقِ وَهُوَ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَلَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ فِي الْخَارِجِ وَالتَّحْقِيقِ
(قَوْلُهُ: أَقُولُ وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِيَّاتِهِ مَعَ أَنَّهُ لِشَيْخِهِ الْبِرْمَاوِيِّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ وَظَاهِرُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَنَّهَا لِلْعُمُومِ الشُّمُولِيِّ وَالْبَدَلِيِّ وَضْعًا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لِلشُّمُولِيِّ وَضْعًا وَالْبَدَلِيِّ بِقَرِينَةٍ كَمَا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ قَالَ فِي التَّمْهِيدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَوْنِ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لِلْعُمُومِ سَلْبُ الْحُكْمِ عَنْ الْعُمُومِ كَقَوْلِنَا مَا كُلُّ عَدَدٍ زَوْجًا فَإِنْ هَذَا الْبَعْضَ مِنْ بَابِ عُمُومِ السَّلْبِ أَيْ لَيْسَ حُكْمًا بِالسَّلْبِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَدَدِ زَوْجٌ وَذَلِكَ بَاطِلٌ بَلْ الْمَقْصُودُ بِهَذَا الْكَلَامِ إبْطَالُ قَوْلِ مَنْ قَالَ الْكُلُّ عَدَدٌ زَوْجٌ فَأَبْطَلَ السَّامِعُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعُمُومِ وَقَدْ تَفَطَّنَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ السُّهْرَوَرْدِيّ فَاسْتَدْرَكَهُ اهـ.
قَوْلُهُ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 6] فِيهِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَجِيرَهُ كُلُّ مُشْرِكٍ فِي الْخَارِجِ فَقَرِينَةُ الْمِثَالِ تَمْنَعُ أَنَّ الْمُرَادَ الْعُمُومُ الشُّمُولِيَّ كَمَا قَالَ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ فَإِنْ الْتَفَتَ لِلْحُكْمِ وَالتَّعْلِيقِ قِيلَ لَهُ كَذَلِكَ السَّابِقُ وَلَوْ قَالَ أَيَّ أَحَدٍ كَانَ أَلْيَقَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعُمُومِ أَنْ يَقَعَ لَفْظَةُ كُلِّ مَوْضِعَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ بَيَانٌ لِلْمَعْنَى وَتَلَخَّصَ أَنَّ النَّكِرَةَ الْعَامَّةَ هِيَ الَّتِي يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا سَوَاءٌ حَلَّ كُلُّ فَرْدٍ مَحَلَّهَا، أَوْ لَا كَانَ التَّعَلُّقُ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ أَوْ أَزْمِنَةٍ وَلَا يَتَقَيَّدُ الشُّمُولُ بِالْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمَا وُجِدَ لَنَا عَامٌّ فِي الْإِثْبَاتِ إذْ لَا يَتَأَتَّى اجْتِمَاعُ الْمُشْرِكِينَ كُلُّهُمْ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى الِاسْتِجَارَةِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُمُومِ الشُّمُولِيِّ وَالْبَدَلِيِّ عَسِرٌ جِدًّا خُصُوصًا فِي الْإِثْبَاتِ إذْ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى فَرْقٌ وَبَقِيَ مِنْ أَقْسَامِ النَّكِرَةِ الْعَامَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي سِيَاقِ الِامْتِنَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] وَالْمَوْصُوفَةُ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ وَهِيَ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ تِلْكَ النَّكِرَةِ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُجَالِسُ إلَّا رَجُلًا عَالِمًا فَإِنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ بِمَا يَخُصُّ وَاحِدًا مِنْ الرِّجَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُجَالِسُ إلَّا رَجُلًا يَدْخُلُ دَارِهِ وَحْدَهُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ فَإِنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَا يَصْدُقُ إلَّا عَلَى فَرْدٍ وَاحِدٍ قَالَهُ فِي التَّلْوِيحِ
(قَوْلُهُ: كَالْفَحْوَى) أَيْ كَاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْفَحْوَى لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ وَقَدْ يُعَمَّمُ اللَّفْظُ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ وَكَمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ فَالْعُمُومُ لِلَّفْظِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْخِلَافُ فِي أَنَّهُ لَا عُمُومَ لَهُ لَفْظِيٌّ الْمُقْتَضَى أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي نَفْسِ الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَصِحُّ بِنَاءُ الْخِلَافِ فِي تَسْمِيَتِهِ عَامًّا إذْ اللَّفْظُ يُسَمَّى عَامًّا سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْعُمُومَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ فَقَطْ، أَوْ الْمَعَانِي.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ مَا يَأْتِي غَيْرُ مُرْتَبِطٌ بِمَا هُنَا بَلْ لِبَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمَفْهُومِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ وَمَا هُنَا بِاعْتِبَارِ الْعُمُومِ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ) وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ لَا فِي مَحِلِّ النُّطْقِ وَتَحْتَهُ قِسْمَانِ الْأَوْلَى وَيُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ عَلَيْهِ وَالْمُسَاوِي وَيُسَمَّى لَحْنَ