مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ لِتَبَادُرِهِ إلَى الذِّهْنِ، نَحْوُ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] أَيْ كُلَّ بَيْعٍ وَخُصَّ مِنْهُ الْفَاسِدُ كَالرِّبَا خِلَافًا (لِلْإِمَامِ الرَّازِيّ) فِي نَفْيِهِ الْعُمُومَ عَنْهُ (مُطْلَقًا) فَهُوَ عِنْدَهُ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ كَمَا فِي لَبِسْت الثَّوْبَ وَشَرِبْت الْمَاءَ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا فِي {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر: 2 - 3] (وَ) خِلَافًا (لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ) فِي نَفْيِهِمَا الْعُمُومَ عَنْهُ (إذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ) كَالْمَاءِ (زَادَ الْغَزَالِيُّ أَوْ تَمَيَّزَ) وَاحِدُهُ (بِالْوَحْدَةِ) كَالرَّجُلِ إذْ يُقَالُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَهُوَ فِي ذَلِكَ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بِالْبَعْضِ، نَحْوُ شَرِبْت الْمَاءَ وَرَأَيْت الرَّجُلَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْعُمُومِ، نَحْوُ الدِّينَارُ خَيْرٌ مِنْ الدِّرْهَمِ أَيْ كُلُّ دِينَارٍ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَتَمَيُّزٌ بِالْوَاوِ بَدَلٌ أَوْ لِيَكُونَ قَيْدًا فِيمَا قَبْلَهُ فَإِنَّ الْغَزَالِيَّ قَسَمَ مَا لَيْسَ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ إلَى مَا يَتَمَيَّزُ وَاحِدُهُ بِالْوَحْدَةِ فَلَا يَعُمُّ وَإِلَى مَا لَا يَتَمَيَّزُ بِهَا كَالذَّهَبِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّفْظَ عَلَى أَضْعَفِ الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ الْأَصْغَرُ كَمَا نَزَّلُوهُ عَلَيْهِ مِنْ إقْرَارِ الْأَبِ بِأَنَّ الْعَيْنَ مِلْكٌ لِوَلَدِهِ حَيْثُ نَزَّلُوهُ عَلَى الْهِبَةِ وَجَوَّزُوا الرُّجُوعَ وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَحَنِثَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ مُفْرَدٌ مُحَلًّى بِاللَّامِ لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ، وَالْأَيْمَانُ قَدْ يُسْلَكُ فِيهَا مَسْلَكُ الْعُرْفِ وَمِنْهَا مَا لَوْ نَوَى التَّيَمُّمَ لِلصَّلَاةِ فَهَلْ يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ أَمْ يَقْتَصِرُ عَلَى النَّفْلِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ إلَخْ) . فَإِنْ اُحْتُمِلَ الْعَهْدُ وَغَيْرُهُ حُمِلَ عَلَى الْعَهْدِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ حُمِلَ عَلَى الْمَعْهُودِ حَتَّى يَحْنَثَ بِبَعْضِهِ إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْعُمُومِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَا يَحْنَثُ بِالْهِنْدِيِّ وَهُوَ الْبِطِّيخُ الْأَخْضَرُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الِاسْمُ لَا يُعْهَدُ فِي بِلَادِهِمْ إطْلَاقُهُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ إلَّا مُقَيَّدًا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْجَوْزَ لَا يَحْنَثُ بِالْجَوْزِ الْهِنْدِيِّ كَمَا جُزِمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ وَجْهَانِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ.

(قَوْلُهُ: لِتَبَادُرِهِ) أَيْ الْعُمُومِ.

(قَوْلُهُ: وَخُصَّ مِنْهُ الْفَاسِدُ) فَتَكُونُ الْآيَةُ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ أَوْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ وَقِيلَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ أَوْ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْمُجْمَلِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ مَحْكِيَّةٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تَحَقَّقَ عَهْدًا أَوْ لَا كَانَ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ أَوْ لَا تَمَيَّزَ بِالْوَحْدَةِ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: لِلْجِنْسِ) أَيْ الْمَاهِيَّةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْأَفْرَادِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْكُلِّيِّ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لِلْجِنْسِ وَلَيْسَ عِلَّةً لِقَوْلِهِ الصَّادِقِ بِالْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْعُمُومِ) كَالْآيَةِ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهَا قَرِينَةُ إرَادَةِ الْعُمُومِ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ) نَحْوُ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ الْعُمُومَ لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ الْمَذْكُورِ أَمَّا إنْ تَمَيَّزَ عَنْ جِنْسِهِ بِالتَّاءِ وَخَلَا عَنْهَا، نَحْوُ «لَا تَبِيعُوا التَّمْرَ بِالتَّمْرِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» أَوْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بِوَصْفِهِ بِالْوَحْدَةِ، نَحْوُ الذَّهَبِ لَا يُقَالُ ذَهَبٌ وَاحِدٌ فَهُوَ لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي الصُّورَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: كَالْمَاءِ) فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَفِيهِ التَّاءُ وَلَكِنَّهُ مُتَمَيِّزٌ بِالْوَحْدَةِ يُقَالُ مَاءٌ وَاحِدٌ وَعِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ اللُّبِّ وَقِيلَ الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ لَيْسَ لِلْعُمُومِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ وَتَمَيَّزَ بِالْوَحْدَةِ كَالْمَاءِ وَالرَّجُلِ إذْ يُقَالُ فِيهِمَا مَاءٌ وَاحِدٌ وَرَجُلٌ وَاحِدٌ فَهُوَ فِي ذَلِكَ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بِالْبَعْضِ، نَحْوُ شَرِبْت الْمَاءَ وَرَأَيْت الرَّجُلَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْعُمُومِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْعَامُّ فِي ذَلِكَ أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ أَوْ تَمَيَّزَ وَاحِدُهُ بِالْوَحْدَةِ.

(قَوْلُهُ: نَحْوُ الدِّينَارِ) فَإِنَّ الْقَرِينَةَ الْعَقْلِيَّةَ قَامَتْ عَلَى أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الدِّينَارِ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الدِّرْهَمِ.

(قَوْلُهُ: وَكَانَ يَنْبَغِي إلَخْ) .؛ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِأَوْ يُوهِمُ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ وَإِنَّمَا عُبِّرَ بِيَنْبَغِي مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ عَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِإِمْكَانِ التَّجَوُّزِ فِي كَلِمَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لِيَكُونَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَإِنَّ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ صَادِقٍ عَلَى الْوَاحِدِ الْمُتَمَيِّزِ بِالْوَحْدَةِ، نَحْوُ رَجُلٍ وَصَادِقٍ عَلَى الْوَاحِدِ الَّذِي لَا يَتَمَيَّزُ بِهَا، نَحْوُ الذَّهَبِ وَالثَّانِي غَيْرُ مُرَادٍ فِي الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ وَغَرَضُهُ ذِكْرُ مَا لَا يَعُمُّ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ بِقَوْلِهِ وَتَمَيَّزَ وَاحِدُهُ بِالْوَحْدَةِ أَيْ بِشَرْطِ تَمَيُّزِ وَاحِدِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَيْسَ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ) شَامِلٌ لِنَحْوِ {الزَّانِيَةُ} [النور: 2] وَالزَّانِي {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] فَإِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدُهُ مُتَمَيِّزًا عَنْ الْجِنْسِ بِالتَّاءِ بَلْ النَّافِيَةُ لِتَمْيِيزِ الْمُذَكَّرِ عَنْ الْمُؤَنَّثِ وَشَامِلٌ أَيْضًا لِاسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ الَّذِي يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُفْرَدِهِ بِالتَّاءِ فِي الْجَمْعِ كَكَمَا وَكَمَاتٍ وَاَلَّذِي يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُفْرَدِهِ بِيَاءِ النِّسْبَةِ وَهِيَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015