(وَيُقَالُ) اصْطِلَاحًا (لِلْمَعْنَى أَعَمُّ) وَأَخَصُّ (وَلِلَّفْظِ عَامٌّ) وَخَاصٌّ تَفْرِقَةً بَيْنَ الدَّالِّ وَالْمَدْلُولِ وَخُصَّ الْمَعْنَى بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ لِأَنَّهُ أَهَمُّ مِنْ اللَّفْظِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِي الْمَعْنَى عَامٌّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَخَاصٌّ فَيُقَالُ لِمَعْنَى الْمُشْرِكِينَ عَامٌّ وَأَعَمُّ وَلِلَفْظِهِ عَامٌّ وَالْمَعْنَى زَيْدٌ خَاصٌّ وَأَخَصُّ وَلِلَفْظِهِ خَاصٌّ وَتُرِكَ الْأَخَصُّ وَالْخَاصُّ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ مُقَابِلِهِمَا وَلَمْ يُتْرَكْ وَلِلَفْظِ عَامٍّ الْمَعْلُومُ مِمَّا قَدَّمَهُ حِكَايَةً لِشِقَّيْ مَا قِيلَ لِيَظْهَرَ الْمُرَادُ.

(وَمَدْلُولُهُ) أَيْ الْعَامِّ فِي التَّرْكِيبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ (كُلِّيَّةً

ـــــــــــــــــــــــــــــQيُقَالُ الْحَدُّ الْمُتَقَدِّمُ غَيْرُ جَامِعٍ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْمَعْنَى الْعَامَّ لِأَنَّهُ قَالَ الْعَامُّ لَفْظٌ إلَخْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا هُوَ لِلْعَامِّ مِنْ اللَّفْظِ لَا لِلْعَامِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ اللَّفْظِ أَوْ الْمَعْنَى وَالتَّعْرِيفُ بِاعْتِبَارِ وَضْعٍ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَنَاوُلِهِ أَفْرَادَ وَضْعٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: وَيُقَالُ لِلْمَعْنَى) أَيْ فِي مَحَلِّ وَصْفِ الْمَعْنَى وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ فَلَيْسَتْ اللَّامُ لِلتَّبْلِيغِ كَمَا فِي قُلْت لَهُ مَثَلًا لِأَنَّهُ لَا يَبْلُغُ غَيْرَ الْعَاقِلِ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ الْمَعْنَى مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَامًّا أَوْ غَيْرَهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَكَذَا قَوْلُهُ وَلِلَّفْظِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَ أَعَمَّ وَأَخَصَّ عَلَى التَّوْزِيعِ أَيْ إنْ كَانَ الْمَعْنَى ذَا عُمُومٍ يُقَالُ لَهُ أَعَمُّ أَوْ إنْ كَانَ ذَا خُصُوصٍ يُقَالُ لَهُ أَخَصُّ وَكَذَا قَوْلُهُ عَامٌّ وَخَاصٌّ (قَوْلُهُ: اصْطِلَاحًا) زَادَهُ هُنَا دُونَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ مَا مَرَّ مَبْنِيٌّ عَلَى مُنَاسَبَةٍ لُغَوِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ: أَعَمُّ وَأَخَصُّ) وَأُورِدَ أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فَيَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فِي كُلٍّ وَذَلِكَ تَنَافٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ فَلَا ضَرَرَ فِي اجْتِمَاعِهِمَا نَعَمْ لَا يَظْهَرُ فِي نَحْوِ الْإِنْسَانُ أَعَمُّ مِنْ زَيْدٍ فَإِنَّ زَيْدًا جُزْئِيٌّ لَا يُعْقَلُ فِيهِ عُمُومٌ وَالْجَوَابُ الشَّامِلُ أَنَّ أَفْعَلَ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَهَمُّ) فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ اللَّفْظِ وَأَفْعَلُ يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ فَخُصَّ بِالْأَشْرَفِ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ يُمْكِنُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا بِالْعَكْسِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ قِيلَ وَالْمَعَانِي.

(قَوْلُهُ: فَيُقَالُ لِمَعْنَى الْمُشْرِكِينَ) أَيْ عَلَى الِاصْطِلَاحِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَلِلَفْظِهِ عَامٌّ) لَمْ يَقُلْ وَخَاصٌّ كَمَا قَالَ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْكَلَامَ هُنَا فِي لَفْظِ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ لَيْسَ بِخَاصٍّ وَفَرْضُهُ ثَمَّ فِي اللَّفْظِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتْرُكْ وَلِلَفْظٍ عَامٍّ) أَيْ لَمْ يَتْرُكْ قَوْلَهُ وَلِلَفْظٍ عَامٍّ فَهُوَ مَفْعُولُ يَتْرُكُ وَقَوْلُهُ الْمَعْلُومِ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ وَلِلَفْظٍ عَامٍّ.

(قَوْلُهُ: مِمَّا قَدَّمَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ الْعَامُّ لَفْظٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِشِقَّيْ مَا قِيلَ) أَيْ مَا يُقَالُ اصْطِلَاحًا لِأَنَّهُ شِقٌّ لِلْمَعْنَى وَشِقٌّ لِلَّفْظِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ شِقَّ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ لِيَظْهَرَ الْمُرَادُ أَيْ مُرَادُ هَذَا الْقَائِلِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى

(قَوْلُهُ: فِي التَّرْكِيبِ) عَائِدٌ لِلْمَدْلُولِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَاصَدَقَ وَهُوَ الْأَفْرَادُ فَالْمَعْنَى كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ الْوَاقِعَةِ فِي التَّرْكِيبِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي مَعْنَاهُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ كَجَاءَ عَبِيدِي كُلِّيَّةً وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ فَإِنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ الْقَضِيَّةُ الْوَاقِعَةُ فِي التَّرْكِيبِ دُونَ اللَّفْظِ الْعَامِّ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّاتِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ مَدْلُولِ الْعَامِّ بِمَعْنَى الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ الْمُفَادِ بِالتَّعْرِيفِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلِّيَّةً بَلْ هُوَ مَعْنًى بَسِيطٌ كُلِّيٌّ كَبَقِيَّةِ الْكُلِّيَّاتِ لِانْتِفَاءِ الْحُكْمِ فِيهِ.

وَقَدْ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فَهَذِهِ الْحَيْثِيَّةُ لِلتَّقْيِيدِ أَيْ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُهُ مَعَ الْمَحْكُومِ بِهِ مَرْكَبًا لَا مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ وَأَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ فَإِنَّهُ غَيْرُ كُلِّيَّةٍ لِعَدَمِ الْحُكْمِ وَلِذَلِكَ أَتَى بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي التَّرْكِيبِ وَلَمْ يَسْتَغْنِ بِهَذَا عَنْهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَحْكُومًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ وَاقِعًا فِي التَّرْكِيبِ نَحْوَ الْعَامُّ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِجَمِيعِ مَاصَدَقَاتِهِ وَهِيَ غَيْرُ وَاقِعَةٍ فِي التَّرْكِيبِ وَالْمُرَادُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَلَوْ مَعْنًى مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِهِ فَدَخَلَ نَحْوُ الْمَفْعُولِ نَحْوُ الْمُشْرِكِينَ فِي {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَتْنِ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهِ وَإِلَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015