أَيْ الْعُمُومَ (مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ) دُونَ الْمَعَانِي (قِيلَ وَالْمَعَانِي) أَيْضًا حَقِيقَةٌ فَكَمَا يَصْدُقُ لَفْظٌ عَامٌّ يَصْدُقُ مَعْنًى عَامٌّ حَقِيقَةً ذِهْنِيًّا كَانَ كَمَعْنَى الْإِنْسَانِ أَوْ خَارِجِيًّا كَمَعْنَى الْمَطَرِ وَالْخَصْبِ لِمَا شَاعَ مِنْ نَحْوِ الْإِنْسَانِ يَعُمُّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ وَعَمَّ الْمَطَرُ وَالْخِصْبَ فَالْعُمُومُ شُمُولُ أَمْرٍ لِمُتَعَدِّدٍ (وَقِيلَ بِهِ) أَيْ بِعُرُوضِ الْعُمُومِ (فِي الذِّهْنِيِّ) حَقِيقَةً لِوُجُودِ الشُّمُولِ لِمُتَعَدِّدٍ فِيهِ بِخِلَافِ الْخَارِجِيِّ وَالْمَطَرُ وَالْخِصْبُ مَثَلًا فِي مَحَلِّ غَيْرِهِمَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَاسْتِعْمَالُ الْعُمُومِ فِيهِ مَجَازِيٌّ وَعَلَى الْأَوَّلِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الذِّهْنِيِّ مَجَازِيٌّ أَيْضًا وَعَلَى الْآخَرَيْنِ الْحَدُّ السَّابِقُ لِلْعَامِّ مِنْ اللَّفْظِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى هَذَا يُقْرَأُ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ قَالَ إنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ وَيُقْرَأُ إنَّهُ بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ مَدْخُولِ الصِّحَّةِ الْمُتَقَدِّمِ لَاقْتَضَى أَنَّ وَصْفَ الْأَلْفَاظِ بِالْعُمُومِ فِيهِ خِلَافٌ مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ.
وَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ أَنَّ مَصَبَّ التَّصْحِيحِ هُوَ الْمَعَانِي بِقَوْلِهِ دُونَ الْمَعَانِي أَيْ إنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْعُمُومَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ مِنْ عَوَارِضِ الْمَعَانِي أَيْضًا أَوْ لَا هَذَا.
وَقَدْ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ حُكِيَ فِي الْمَسْأَلَةِ مَذَاهِبُ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ مِنْهَا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ وَهُوَ بَعِيدٌ فَإِنْ ثَبَتَ فَهُوَ قَادِحٌ فِي حِكَايَةِ كَثِيرٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي اللَّفْظِ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْعُمُومَ) أَيْ الْمَأْخُوذَ مِنْ قَوْلِهِ الْعَامُّ لَفْظُ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ أَيْ الْعَامُّ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ لِأَنَّ الْعَامَّ لَفْظٌ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ الْعَامُّ مِنْ عَوَارِضِ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَهُوَ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ: دُونَ الْمَعَانِي) أَخَذَهُ مِنْ الْمُقَابِلِ فِي قَوْلِهِ قِيلَ وَالْمَعَانِي فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَخُصُّ اللَّفْظَ.
(قَوْلُهُ: قِيلَ وَالْمَعَانِي) وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَيَكُونُ مَوْضُوعًا لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ لَفْظِيٌّ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمَعَانِيَ التَّابِعَةَ لِلْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عُمُومِهَا لِعُمُومِ لَفْظِهَا بَلْ الْمَعَانِيَ الْمُسْتَقِلَّةَ كَالْمُقْتَضِي وَالْمَفْهُومِ اهـ.
وَيُبْعِدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَعْنَى الْإِنْسَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَقِيقَةً) أَيْ اصْطِلَاحِيَّةً كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ فَإِنَّهُ لِلْبَحْثِ عَنْ الْأُمُورِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ وَقِيلَ لُغَوِيَّةً ثُمَّ هُوَ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْعُمُومِ بِمَعْنَى الْعَامِّ أَيْ حَالَ كَوْنِ اسْتِعْمَالِ الْعَامِّ فِي الْمَعْنَى حَقِيقَةً.
(قَوْلُهُ: ذِهْنِيًّا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالْقَوْلِ بِالْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ وَقَدْ قَالَ بِهِ الْحُكَمَاءُ وَبَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَنْكَرَهُ أَكْثَرُهُمْ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي حَوَاشِي الْمَقُولَاتِ الْكُبْرَى.
(قَوْلُهُ: كَمَعْنَى الْإِنْسَانِ) أَيْ حَقِيقَتِهِ الْكُلِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُلِّيَّ الطَّبِيعِيَّ لَا وُجُودَ لَهُ خَارِجًا وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي حَوَاشِينَا عَلَى الْخَبِيصِيِّ وَأُورِدَ أَنَّ مَعْنَى الْإِنْسَانِ لَهُ وُجُودٌ ذِهْنِيٌّ وَوُجُودٌ خَارِجِيٌّ وَهُوَ وُجُودُ أَفْرَادِهِ وَكَذَا الْمَطَرُ وَالْخَصِبُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عُمُومُ الْمَطَرِ وَالْخَصِبِ أَظْهَرَ بِحَسَبِ الْخَارِجِ خَصَّهُ بِالْخَارِجِ وَلَمَّا كَانَ عُمُومُ الْإِنْسَانِ بِحَسَبِ الْخَارِجِ غَيْرَ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ يُلْتَفَتُ فِيهِ لِكُلِّ فَرْدٍ عَلَى حِدَتِهِ وَهُوَ لَا عُمُومَ فِيهِ خَصَّهُ بِالذِّهْنِيِّ.
(قَوْلُهُ: لِمَا شَاعَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ حَقِيقَةً.
(قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ الْإِنْسَانِ إلَخْ) أَيْ يُقَالُ الْإِنْسَانُ يَعُمُّ إلَخْ فَالْإِنْسَانُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَعَمَّ الْمَطَرُ إلَخْ جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ فَالْمَطَرُ فَاعِلُ عَمَّ وَالْخَصِبُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَالْعُمُومُ شُمُولُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ وَقَوْلُهُ أَمَرَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ لَفْظِيًّا أَوْ مَعْنًى خَارِجِيًّا أَوْ ذِهْنِيًّا جَوْهَرًا كَالْمَطَرِ أَوْ عَرَضًا كَالْخَصِبِ.
(قَوْلُهُ: حَقِيقَةً) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْعُمُومِ بِمَعْنَى أَنَّ إطْلَاقَ الْعَامِّ عَلَى الْمَعْنَى الذِّهْنِيِّ حَقِيقَةً وَفِي جَعْلِهِ حَالًا مِنْ عُرُوضِ الْعُمُومِ مُسَامَحَةٌ إذْ الْعُرُوض لَا يُوصَفُ بِحَقِيقَةٍ وَلَا مَجَازٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَطَرُ وَالْخَصِبُ) أَيْ فَلَيْسَ فِي الْخَارِجِ أَمْرٌ وَاحِدٌ شَامِلٌ لِمُتَعَدِّدٍ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ مُشَخَّصٌ لَا عُمُومَ فِيهِ وَالْعُمُومُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَمْرِ الْكُلِّيِّ الذِّهْنِيِّ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُهُمَا فِي آخَرَ) فَالْمَعَانِي الْخَارِجِيَّةُ مُتَشَخِّصَةٌ لِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ مُتَخَصِّصٌ بِمَحِلٍّ وَحَالٍ مَخْصُوصٍ فَيَسْتَحِيلُ شُمُولُهُ الْمُتَعَدِّدَ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ خَاصَّةً دُونَ الْمَعَانِي الَّذِي هُوَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْآخَرِينَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا