(وَلَفْظُهُ حَقِيقَةٌ وَإِنْ انْتَفَى الْفَسَادُ لِدَلِيلٍ) كَمَا فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ لِلْأَمْرِ بِمُرَاجَعَتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ جَمِيعِ مُوجِبِهِ مِنْ الْكَفِّ وَالْفَسَادِ فَهُوَ كَالْعَامِّ الَّذِي خُصَّ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيمَا بَقِيَ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَ) قَالَ (أَبُو حَنِيفَةَ) مُطْلَقُ النَّهْيِ (لَا يُفِيدُ) الْفَسَادَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ لِخَارِجٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ حَقِيقَةٌ) فِيهِ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي بَعْضِ مُوجِبِهِ وَهُوَ لَيْسَ مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعَ لَهُ فَيَكُونُ مَجَازًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ قَاصِرَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فَتَذَكَّرْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ) فَإِنَّ الْأَمْرَ بِمُرَاجَعَتِهَا دَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ الْفَسَادِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَهَذَا النَّهْيُ الْخَاصُّ لَا يُخْرِجُ النَّهْيَ الْمُطْلَقَ عَنْ كَوْنِهِ بَاقِيًا عَلَى حَقِيقَتِهِ.
(قَوْلُهُ: عَنْ جَمِيعِ مُوجِبِهِ) أَيْ مُقْتَضَاهُ وَمَدْلُولُهُ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْعَامِّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْبَاقِيَ فِي الْعَامِّ جُزْئِيٌّ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ وَالْبَاقِي هُنَا جُزْءٌ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْكُلُّ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُرَكَّبِ تَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ بَعْضِ الْأَجْزَاءِ وَأَيْضًا الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ مُسْتَعْمَلٌ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ غَيْرَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَشْمَلُهَا كُلَّهَا فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي جَمِيعِ مَعْنَاهُ غَايَتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ شَامِلٍ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً وَهُنَا قَدْ اُسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ فِي بَعْضِ مَعْنَاهُ وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّا نَجْعَلُهُ مِثْلَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ بِأَنْ نَقُولَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْكَفِّ وَفِي الْفَسَادِ إلَّا أَنَّ الدَّلِيلَ أَخْرَجَهُ حُكْمًا لَا تَنَاوُلًا وَعَنْ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ كُلًّا انْدَرَجَ تَحْتَهُ شَيْءٌ فَالْعَامُّ يَنْدَرِجُ فِيهِ جُزْئِيَّاتُهُ وَالْكُلُّ تَنْدَرِجُ فِيهِ أَجْزَاؤُهُ وَبِهِ صَحَّ التَّنْظِيرُ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ إطْلَاقُ النَّقْلِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْعِبَادَاتِ وَبَعْضِ الْعُقُودِ خَاصَّةً كَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ وَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَإِلَّا فَهُوَ مُوَافِقٌ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ وَفِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَإِرْسَالِ الثَّلَاثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ نَعَمْ إذَا قُلْنَا فِي هَذَا النَّوْعِ إنَّهُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَمَا يَقُولُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
فَقَامَ الدَّلِيلُ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ هَلْ يَكُونُ اللَّفْظُ بَاقِيًا عَلَى حَقِيقَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ جَمِيعِ مُوجِبِهِ فَيَصِيرُ كَالْعَامِّ الَّذِي خَرَجَ بَعْضُهُ فَإِنَّهُ يَبْقَى حَقِيقَةً فِيمَا بَقِيَ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَوْ يَبْقَى مَجَازًا لِخُرُوجِهِ عَمَّا يَقْتَضِيهِ فِي الْأَصْلِ فِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ النَّهْيِ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ بِصِيغَتِهِ أَمَّا إذَا قُلْنَا يَدُلُّ عَلَيْهِ شَرْعًا أَوْ مَعْنًى فَلَيْسَ فِيهِ إخْرَاجُ بَعْضِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَلَعَلَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هِيَ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ لُغَةً أَوْ شَرْعًا أَوْ مَعْنًى اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَخْ) حَاصِلُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ عِنْدَهُ