بِالشَّرْطِ (وِفَاقًا لِلْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ النَّهْيَ لِلْفَسَادِ فِيمَا ذُكِرَ أَمَّا فِي الْعِبَادَةِ فَلِمُنَافَاةِ النَّهْيِ عَنْهُ لَأَنْ يَكُونَ عِبَادَةً أَيْ مَأْمُورًا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ.
وَأَمَّا فِي الْمُعَامَلَةِ فَلِاسْتِدْلَالِ الْأَوَّلِينَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ عَلَى فَسَادِهَا بِالنَّهْيِ عَنْهَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فَظَاهِرٌ.
(وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْإِمَامُ) الرَّازِيّ لِلْفَسَادِ (فِي الْعِبَادَاتِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُعَامَلَاتِ فَفَسَادُهَا بِفَوَاتِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ عُرِفَ مِنْ خَارِجٍ عَنْ النَّهْيِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ اسْتَدَلُّوا بِمُجَرَّدِ النَّهْيِ عَلَى فَسَادِهَا وَدُونَ غَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَفَسَادُهُ مِنْ خَارِجٍ أَيْضًا (فَإِنْ كَانَ) مُطْلَقُ النَّهْيِ (لِخَارِجٍ) عَنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَيْ غَيْرِ لَازِمٍ لَهُ (كَالْوُضُوءِ بِمَغْصُوبٍ) لِإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ الْحَاصِلِ بِغَيْرِ الْوُضُوءِ أَيْضًا وَكَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ لِتَفْوِيتِهَا الْحَاصِلِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ أَيْضًا وَكَالصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الْمَكْرُوهِ أَوْ الْمَغْصُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ (لَمْ يُفِدْ) أَيْ الْفَسَادَ (عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الْحَقِيقَةِ ذَلِكَ الْخَارِجُ.
(وَقَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ) مُطْلَقُ النَّهْيِ (يُفِيدُ) الْفَسَادَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً لَمْ يَكُنْ لِخَارِجٍ أَوْ كَانَ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ فَيُفِيدُ الْفَسَادَ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لِلْخَارِجِ عِنْدَهُ قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ اللَّازِمَةِ (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ) أَيْ الْحَاصِلِ بِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ فَالْمُرَادُ الشَّرْطُ الضِّمْنِيُّ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْعِبَادَةِ) أَيْ أَمَّا بَيَانُ اقْتِضَاءِ النَّهْيِ الْفَسَادَ فِي الْعِبَادَاتِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: فَلِمُنَافَاةِ النَّهْيِ) أَيْ النَّهْيِ الْمَعْهُودِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لِدَاخِلٍ أَوْ لَازِمٍ.
(قَوْلُهُ: الْأَوَّلِينَ) بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْمُرَادُ بِهِمْ السَّلَفُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ.
(قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ ظَاهِرٌ فَسَادُهُ لِعَدَمِ تَرَتُّبِ أَثَرِهِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ (قَوْلُهُ: فَفَسَادُهَا) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ عُرِفَ وَقَوْلُهُ بِفَوَاتِ رُكْنٍ أَيْ كَانْعِدَامِ الْمَبِيعِ فِي بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَرْطٍ كَانْعِدَامِ طَهَارَةِ الْمَبِيعِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا نُسَلِّمُ إلَخْ) هَذَا عَلَى لِسَانِ الْغَزَالِيِّ وَالْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ النَّهْيِ) أَيْ بَلْ مَعَ مُقْتَضَى الْفَسَادِ وَهُوَ رُجُوعُ النَّهْيِ إلَى دَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ لَازِمٍ.
(قَوْلُهُ: وَدُونَ غَيْرِهَا) عَطْفٌ عَلَى دُونَ الْمُعَامَلَاتِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُطْلَقُ النَّهْيِ إلَخْ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ مُطْلَقًا فِيمَا عَدَا الْمُعَامَلَاتِ وَقَوْلُهُ لِخَارِجٍ أَيْ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّمْثِيلُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ وَكَالصَّلَاةِ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَكَالْبَيْعِ إلَخْ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْعِبَادَةِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ لَازِمٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَارِجِ مَا لَيْسَ بِدَاخِلٍ وَلَا لَازِمٍ بِقَرِينَةِ جَعْلِهِ قَسِيمًا لَهُمَا وَالْمُرَادُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْخَارِجُ غَيْرَ لَازِمٍ أَصْلًا أَوْ لَازِمًا أَعَمَّ وَقَدْ مَثَّلَ الشَّارِحُ لِلِاثْنَيْنِ.
(قَوْلُهُ: الْحَاصِلِ بِغَيْرِ الْوُضُوءِ أَيْضًا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاللُّزُومِ الْمَنْفِيِّ اللُّزُومُ الْمُسَاوِي فَلَا يُنَافِي أَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ لَازِمٌ لِلْوُضُوءِ لَكِنَّهُ أَعَمُّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِقَوْلِ الْكَمَالِ بِعَدَمِ التَّلَازُمِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِوُجُودِ الْوُضُوءِ بِدُونِ إتْلَافِ الْمَالِ فَإِنَّ النَّهْيَ لَيْسَ عَنْ مُطْلَقِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَكَانِ الْمَكْرُوهِ) كَالْحَمَّامِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ.
(قَوْلُهُ: لَانَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إلَخْ) أَيْ فَالصَّلَاةُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا ذَلِكَ النَّهْيُ وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَجْرِي فِي اللَّازِمِ الْمُسَاوِي فَإِنَّهُ خَارِجٌ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْفَكَّ عَنْ الْمَلْزُومِ كَانَ طَلَبُ تَرْكِهِ طَلَبًا لِتَرْكِ ذَلِكَ الْمَلْزُومِ إذْ لَا يَتَأَتَّى تَرْكُهُ بِدُونِهِ بِخِلَافِ الْخَارِجِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ بِدُونِ الْمَلْزُومِ الْمَخْصُوصِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ يَكُنْ طَلَبُ تَرْكِهِ طَلَبًا لِتَرْكِ الْمَلْزُومِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنَّظَرِ لِذَلِكَ الْمَلْزُومِ الْخَاصِّ فَكَانَ النَّظَرُ إلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ سَوَاءٌ) أَيْ فِي الْكَفِّ وَالْفَسَادِ لَمْ يَكُنْ إلَخْ السِّرُّ فِي تَقْدِيمِ النَّفْيِ هُنَا وَتَأْخِيرِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْآتِي تَقْدِيمًا لِلْأَقْوَى لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ بِعَدَمِ الْفَسَادِ أَصْلًا وَالْعَدَمُ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ لِلْخَارِجِ لَا بِالدَّاخِلِ وَأَحْمَدُ قَالَ بِالْفَسَادِ وَهُوَ أَوْلَى بِالدَّاخِلِ وَاللَّازِمِ لَا بِالْخَارِجِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا كَانَ ظَاهِرًا يُجْعَلُ أَوَّلًا وَإِلَّا خَفِيَ ثَانِيًا لِأَنَّهُ كَالْمُبَالَغِ عَلَيْهِ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ أَنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْله تَعَالَى {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6] فَإِنَّ عَدَمَ إيمَانِهِمْ عَلَى عَدَمِ إنْذَارِهِمْ أَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الْوُضُوءُ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ وَالْبَيْعُ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَاةُ فِي الْمَكَانِ الْمَكْرُوهِ أَوْ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: لِلْخَارِجِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْفَسَادِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الْإِمَامُ