لِمَا سَيَأْتِي فِي إفَادَتِهِ الصِّحَّةَ قَالَ (نَعَمْ الْمَنْهِيُّ) عَنْهُ (لِعَيْنِهِ) كَصَلَاةِ الْحَائِضِ وَبَيْعِ الْمَلَاقِيحِ (غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَفَسَادُهُ عَرَضِيٌّ) أَيْ عَرَضَ لِلنَّهْيِ حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ الْمَشْرُوعِ مَجَازًا عَنْ النَّفْيِ الَّذِي الْأَصْلُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِيهِ إخْبَارًا عَنْ عَدَمِهِ لِانْعِدَامِ مَحِلِّهِ هَذَا فِيمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْمَشْرُوعِ أَمَّا غَيْرُهُ كَالزِّنَا بِالزَّايِ فَالنَّهْيُ فِيهِ عَلَى حَالِهِ وَفَسَادُهُ مِنْ خَارِجٍ.

(ثُمَّ قَالَ وَالْمَنْهِيُّ) عَنْهُ (لِوَصْفِهِ) كَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ لِلْإِعْرَاضِ بِهِ عَنْ الضِّيَافَةِ وَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ (يُفِيدُ) النَّهْيُ فِيهِ (الصِّحَّةَ) لَهُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ يَسْتَدْعِي إمْكَانَ وُجُودِهِ وَإِلَّا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ لَغْوًا كَقَوْلِك لِلْأَعْمَى لَا تُبْصِرْ فَيَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ عَنْ نَذْرِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُفِيدُ بِالْوَضْعِ فَسَادًا بَلْ يُفِيدُ الصِّحَّةَ إنْ رَجَعَ إلَى وَصْفِهِ وَلَا يُفِيدُ صِحَّةً وَلَا فَسَادًا لِذَاتِهِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَفَسَادُهُ عَرَضِيٌّ إنْ رَجَعَ إلَى غَيْرِ وَصْفِهِ.

(قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ يَسْتَدْعِي إمْكَانَ وُجُودِهِ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمَنْهِيُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إنَّ النَّهْيَ لَا يُفِيدُ الْفَسَادَ مَعَ أَنَّهُ قَائِلٌ بِالْفَسَادِ فِي صَلَاةِ الْحَائِضِ وَبَيْعِ الْمَلَاقِيحِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُمَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْفَسَادَ لَيْسَ مِنْ النَّهْيِ بَلْ عَرَضَ لِلنَّهْيِ حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا عَنْ النَّفْيِ فَقَوْلُنَا لَا تُصَلِّ الْحَائِضُ بِمَعْنَى لَا صَلَاةَ لِحَائِضٍ فَيَكُونُ النَّهْيُ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ وَهُوَ النَّفْيُ وَبِهَذَا خَرَجَ عَنْ حَقِيقَتِهِ.

(قَوْلُهُ: لَعَيْنِهِ) أَيْ لِذَاتِهِ أَوْ لِجُزْئِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ) أَيْ النَّهْيُ بِمَعْنَى صِيغَتِهِ.

(قَوْلُهُ: مَجَازًا) بِعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مُقْتَضٍ لِعَدَمِ الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ اقْتِضَاءُ النَّهْيِ الْعَدَمَ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ وَاقْتِضَاءُ النَّفْيِ الْعَدَمَ مِنْ الْأَصْلِ هَكَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ يَكُونُ أَخَصَّ أَوْصَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: إخْبَارًا) عِلَّةٌ لَاسْتُعْمِلَ إنْ جُعِلَ مَفْعُولًا لَهُ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ إنْ كَانَ تَمْيِيزًا (قَوْلُهُ: لِانْعِدَامِ مَحِلِّهِ) فَمَحِلُّ الصَّلَاةِ الْمُصَلَّى الطَّاهِرُ وَمَحِلُّ الْبَيْعِ الْمَبِيعُ الْمَوْجُودُ وَالْمُرَادُ الِانْعِدَامُ الشَّرْعِيُّ لَا الْحِسِّيُّ.

(قَوْلُهُ: بِالزَّايِ) احْتِرَازٌ عَنْ الرِّبَا بِالرَّاءِ فَإِنَّ مِنْهُ مَا هُوَ مَشْرُوعٌ وَهُوَ الْعَقْدُ وَلَمْ يُجْعَلْ الزِّنَا مِمَّا هُوَ مَشْرُوعٌ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى حَالِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ مَجَازٍ.

(قَوْلُهُ: يُفِيدُ الصِّحَّةَ لَهُ) أَيْ لِلْمَنْفِيِّ عَنْهُ بِدُونِ وَصْفِهِ لَا مَعَ وَصْفِهِ فَإِنَّهُ مَعَ وَصْفِهِ فَاسِدٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَضُدُ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ) أَيْ الْبَاقِي عَلَى حَقِيقَتِهِ فَلَا يَرِدُ النَّهْيُ لِدَاخِلٍ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بِمَعْنَى النَّفْيِ.

(قَوْلُهُ: يَسْتَدْعِي إمْكَانَ وُجُودِهِ) أَيْ شَرْعًا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَكَانَ النَّهْيُ عَنْهُ لَغْوًا) لِأَنَّهُ مَنْعٌ لِلْمُمْتَنِعِ وَمَنْعُ الْمُمْتَنِعِ عَبَثٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ بِهَذَا الْمَنْعِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ مَنْعُ الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ هَذَا الْمَنْعِ كَالْحَاصِلِ يَمْتَنِعُ تَحْصِيلُهُ إذَا كَانَ حَاصِلًا بِغَيْرِ هَذَا التَّحْصِيلِ.

(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015