فِيمَا ذُكِرَ إلَى نَفْسِهِ كَصَلَاةِ الْحَائِضِ وَصَوْمِهَا أَوْ لَازِمِهِ كَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ لِلْإِعْرَاضِ بِهِ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ وَكَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِفَسَادِ الْأَوْقَاتِ اللَّازِمَةِ لَهَا بِفِعْلِهَا فِيهَا.
(وَفِيهَا) أَيْ فِي الْمُعَامَلَاتِ (إنْ رَجَعَ) النَّهْيُ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ فِيهَا كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ أَيْ مَا فِي الْبُطُونِ مِنْ الْأَجِنَّةِ لِانْعِدَامِ الْمَبِيعِ وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ الْمَبِيعِ (قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ اُحْتُمِلَ رُجُوعَهُ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ) فِيهَا تَغْلِيبًا لَهُ عَلَى الْخَارِجِ (أَوْ) رَجَعَ إلَى أَمْرٍ (لَازِمٍ) كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ اللَّازِمَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَ الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا وَسَاوَى الْإِطْلَاقُ التَّفْصِيلَ الْآتِي فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالدَّاخِلِ مَا كَانَ دَاخِلًا فِي نَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ جُزْءًا مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لِلْمُغَايِرَةِ بَيْنَهُمَا.
وَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا فَصَلَ الْمُعَامَلَاتِ لِمُخَالَفَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْآتِيَةِ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْإِفْرَازَ وَأَيْضًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَكَى الْكَلَامَ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَكَتُوا عَمَّا شَكَّ فِيهِ أَدَاخِلٌ أَوْ خَارِجٌ وَلَمْ يَقْصِرْ الْكَلَامَ عَلَى الْمُعَامَلَاتِ فَفَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ الصَّوَابِ ثُمَّ إنَّ مَعْنَى رُجُوعِ الشَّيْءِ إلَى كَذَا إفَادَةُ الْعِلِّيَّةِ فَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِلَّةٌ انْتَهَى. فَإِذَا قُلْنَا رَجَعَ النَّهْيُ إلَى النَّفْسِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّفْسَ عِلَّةُ النَّهْيِ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ مَا يَشْمَلُ الْجُزْءَ وَبِاللَّازِمِ اللَّازِمُ الْمُسَاوِي وَأَمَّا اللَّازِمُ الْأَعَمُّ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مَا عَدَا الْمُعَامَلَاتِ وَفِيهَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: كَصَلَاةِ الْحَائِضِ) أَيْ إنَّ ذَاتَ هَذِهِ الصَّلَاةِ اقْتَضَتْ الْحُرْمَةَ فَالنَّهْيُ عَنْهَا لِنَقْصِهَا أَيْ أَوْ جُزْأَيْهَا كَصَلَاةٍ بِدُونِ رُكُوعٍ (قَوْلُهُ: أَمْ لَازِمِهِ) أَيْ الْمُسَاوِي فَإِنَّ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْإِعْرَاضِ وَالْإِعْرَاضُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ مَعْنَاهُ أَنْ يَقْهَرَ نَفْسَهُ وَيُمْسِكَهَا بِسَبَبِ الصَّوْمِ فَلَا يُوجَدُ الْإِعْرَاضُ مَعَ الْإِمْسَاكِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ إعْرَاضٌ مَخْصُوصٌ.
(قَوْلُهُ: وَكَالصَّلَاةِ) عَطْفٌ عَلَى كَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَوْلُهُ لِفَسَادِ الْأَوْقَاتِ عِلَّةُ النَّهْيِ عَنْهَا أَيْ لِفَسَادِ الصَّلَاةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَقَوْلُهُ: اللَّازِمَةِ نَعْتُ الْأَوْقَاتِ وَقَوْلُهُ لَهَا أَيْ لِلصَّلَاةِ فَكُلَّمَا وُجِدَتْ الصَّلَاةُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وُجِدَتْ الْأَوْقَاتُ وَكُلَّمَا وُجِدَتْ الْأَوْقَاتُ الْمَكْرُوهَةُ وُجِدَتْ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةَ لَا يُقَالُ لَهَا مَكْرُوهَةٌ بِالصَّلَاةِ فِيهَا لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْوَقْتِ مَكْرُوهًا أَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ فِيهِ فَإِسْنَادُ الْكَرَاهَةِ إلَى الْوَقْتِ مَجَازِيٌّ (قَوْلُهُ: دَاخِلٌ فِيهَا) أَيْ جُزْءٌ مِنْهَا أَوْ عَيْنُهَا فَفِي التَّعْبِيرِ بِالدُّخُولِ مُسَامَحَةٌ أَوْ فِيهِ تَغْلِيبُ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ فَمِثَالُ الثَّانِي بَيْعُ الْحَصَاةِ وَهُوَ جَعْلُ الْإِصَابَةِ بِهَا بَيْعًا قَائِمًا مَقَامَ الصِّيغَةِ وَمِثَالُ الْأَوَّلِ بَيْعُ الْمَلَاقِيحِ وَأَمَّا اللَّازِمُ فَسَيَأْتِي مِثَالُهُ.
(قَوْلُهُ: لِانْعِدَامِ الْمَبِيعِ) أَيْ عَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَوْجُودٌ احْتِمَالًا وَفِيهِ أَنَّ الِانْعِدَامَ لَيْسَ دَاخِلًا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِرُجُوعِ النَّهْيِ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُتَعَلِّقٍ بِهِ وَهَاهُنَا قَدْ رَجَعَ النَّهْيُ إلَى شَيْءٍ مُتَعَلِّقٍ بِالْمَبِيعِ وَهُوَ انْعِدَامُهُ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَ فِي الدَّاخِلِ حَقِيقَةٌ وَأَمَّا الدَّاخِلُ احْتِمَالًا فَقَدْ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اُحْتُمِلَ رُجُوعُهُ) عَطْفٌ عَلَى رَجَعَ وَقَوْلُهُ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ تُنَازِعُهُ رَجَعَ وَرُجُوعُهُ (قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لَهُ عَلَى الْخَارِجِ) أَيْ عَلَى احْتِمَالِ الْخَارِجِ احْتِيَاطًا وَلِمَا فِيهِ مِنْ حَمْلِ لَفْظِ النَّهْيِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَمَثَّلُوا ذَلِكَ بِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ النَّهْيَ لِأَمْرٍ دَاخِلٍ إنْ كَانَ الرُّكْنُ هُوَ الْمَبِيعَ الْمَقْبُوضَ فَإِذَا انْعَدَمَ صَارَ النَّهْيُ لِأَمْرٍ دَاخِلٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ إنْ كَانَ الرُّكْنُ ذَاتَ الْمَبِيعِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رَجَعَ إلَى أَمْرٍ لَازِمٍ إلَخْ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَ إلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ قَبْلَ كَلَامِهِ أَيْ إنْ رَجَعَ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ فِيهَا أَوْ لَازِمٍ لَهَا وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقَ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا مَعْنَى لَهُ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ دِرْهَمٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الدِّرْهَمَانِ فَالزَّائِدُ جُزْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ فَهُوَ لِأَمْرٍ دَاخِلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الدِّرْهَمَيْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا صَالِحَانِ لِلْعَقْدِ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا جَاءَ الْفَسَادُ مِنْ حَيْثُ زِيَادَتُهُمَا عَلَى مُقَابِلِهِمَا الَّذِي هُوَ الدِّرْهَمُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا يُقَالُ إنَّ النَّهْيَ لِلزِّيَادَةِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَهُوَ مَعْنًى خَارِجٌ عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ