بِمَعْنَى الْمَقْطُوعِ بِهَا كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ مِنْ إسْنَادِ مَا لِلْفَاعِلِ إلَى الْمَفْعُولِ بِهِ لِمُلَابَسَةِ الْفِعْلِ لَهُمَا.
وَالْقَطْعُ بِالْقَوَاعِدِ الْقَطْعِيَّةِ أَدِلَّتُهَا الْمُبَيَّنَةُ فِي مَحَالِّهَا كَالْعَقْلِ الْمُثْبِتِ لِلْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ لِلَّهِ تَعَالَى.
وَالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ الْمُثْبِتَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلَّهِ وَنَحْوُهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِنَا اللَّهُ عَالِمٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَضِيَّتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى.
وَأَمَّا قَوْلُنَا كُلُّ شَيْءٍ مَعْلُومٌ لِلَّهِ فَالْمَوْضُوعُ فِيهِ الْمَعْلُومُ فَالْحَقُّ مَا نَقَلَهُ السَّيَالَكُوتِيُّ فِي حَوَاشِي الْخَيَالِيِّ عَلَى الْعَقَائِدِ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ الْعَقَائِدَ الْإِسْلَامِيَّةَ أَكْثَرُهَا قَضَايَا شَخْصِيَّةٌ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا ذَاتُ اللَّهِ تَعَالَى مِثْلُ، اللَّهُ عَالِمٌ اللَّهُ وَاحِدٌ وَمَوْجُودٌ وَقَدِيمٌ وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيٌّ صَادِقٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَيْضًا جَزَمَ الْمُحَقِّقُ الدَّوَانِيُّ فِي تَعْلِيقَاتِهِ عَلَى الْحَوَاشِي الشَّرِيفَةِ عَلَى شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ الْعَضُدِيِّ فِي بَحْثِ تَعْرِيفِ أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ مَسَائِلَ الْكَلَامِ لَيْسَتْ بِقَوَاعِدَ لِعَدَمِ كَوْنِهَا كُلِّيَّةً.
وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مَوْضُوعَهَا وَإِنْ كَانَ جُزْئِيًّا حَقِيقِيًّا لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِوَجْهٍ كُلِّيٍّ فَتَكُونُ قَضَايَا كُلِّيَّةً مَوْضُوعُهَا مُنْحَصِرٌ فِي فَرْدٍ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ عَقَائِدُ جُزْئِيَّةٌ تُسْتَفَادُ مِنْهَا اهـ وَقَوْلُهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ إلَخْ أَيْ نَمْنَعُ فَإِنَّهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا تَخْرُجُ الْقَضِيَّةُ عَنْ الشَّخْصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ مُشَخَّصٌ وَتَصَوُّرُهُ بِالْوَجْهِ الْكُلِّيِّ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمَقْطُوعِ بِهَا) إنْ قُلْتَ، إنَّ فِي عِبَارَاتِهِ تَنَافِيًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِمَعْنَى الْمَقْطُوعِ بِهَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا تَجَاوُزَ فِي الْإِسْنَادِ بَلْ فِي الْمُسْنَدِ وَقَوْلُهُ مِنْ إسْنَادِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ التَّجَوُّزَ فِي الْإِسْنَادِ فِي الْمُسْنَدِ قُلْتُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى الْمَقْطُوعِ بِهَا أَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةً بِهَذَا الْمَعْنَى وَأَنَّ هَذَا اسْمُ الْفَاعِلِ مُرَادٌ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ حَتَّى يَحْصُلُ التَّنَاقُضُ بَلْ أَرَادَ بِذَلِكَ بَيَانَ حَالِ الْقَوَاعِدِ فِي الْوَاقِعِ مِنْ أَنَّهَا مَقْطُوعٌ بِهَا لَا قَاطِعَةٌ حَتَّى يَظْهَرُ التَّجَوُّزُ فِي الْإِسْنَادِ أَفَادَهُ سَمِّ وَفِيهِ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ أَنْ يُقَالَ وَالْقَوَاعِدُ مَقْطُوعٌ بِهَا لَا مَا ذَكَرَهُ فَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ بِمَعْنَى الْمَقْطُوعِ بِهَا نَظَرًا لِلْمِثَالِ لَا لِمَفْهُومِ اللَّفْظِ لِيُوَافِقَ مَا بَعْدَهُ أَوْ الْمَعْنَى فَإِسْنَادُهَا مِنْ إسْنَادِ إلَخْ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ.
(قَوْلُهُ: لِمُلَابَسَةِ الْفِعْلِ) أَيْ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْحَدَثُ.
(قَوْلُهُ: كَالْعَقْلِ) فِي التَّمْثِيلِ بِهِ لِلْأَدِلَّةِ تَجَوُّزٌ إذْ الدَّلِيلُ لَيْسَ هُوَ نَفْسُ الْفِعْلِ بَلْ مُقَدِّمَاتٌ يَحْكُمُ بِهَا الْعَقْلُ وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَنَظَرِ الْعَقْلِ أَوْ تَأْوِيلُهُ بِالْمَفْعُولِ أَيْ الْمَعْقُولِ وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يَحْكُمُ بِهِ الْعَقْلُ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ نَظَرَ الْعَقْلِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ فَمَا زَالَ الْإِشْكَالُ بَاقِيًا وَأَنَّ الْعَقْلَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْقُوَّةِ الْعَاقِلَةِ فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ فَكَيْفَ يُؤَوَّلُ بِالْمَفْعُولِ فَإِنَّ الَّذِي يُؤَوَّلُ بِالْمَفْعُولِ مَصْدَرُ عَقَلَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ كَدَلِيلِ الْعَقْلِ أَيْ الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ الَّذِي يَسْتَخْرِجُهُ الْعَقْلُ بِوَاسِطَةِ النَّظَرِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْعَقْلِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: الْمُثْبِتِ لِلْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ) أَيْ لِقَاعِدَتَيْ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ أَيْ الْقَاعِدَتَيْنِ الْمُتَعَلِّقَتَيْنِ بِهِمَا وَهُمَا كُلُّ شَيْءٍ مَعْلُومٌ لِلَّهِ وَكُلُّ شَيْءٍ مَقْدُورٌ لِلَّهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَالْعَقْلِ تَمْثِيلٌ لِأَدِلَّةِ الْقَوَاعِدِ وَكُلٌّ مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ لَيْسَ بِقَاعِدَةٍ أَفَادَهُ سَمِّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا أَسْلَفَهُ وَفِيهِ مَا قَدْ سَمِعْتَ.
(قَوْلُهُ: وَالنُّصُوصُ وَالْإِجْمَاعُ) لَمْ يَأْتِ فِيهِ بِالْكَافِ كَلَاحِقِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ سَابِقِهِ لِتَعَلُّقِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأُصُولِ الدِّينِ وَلَاحِقُهُ مُتَعَلِّقٌ بِأُصُولِ الْفِقْهِ مَعَ أَنَّ النُّصُوصَ تُطْلَقُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْوَارِدَةِ مِنْ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَطْعِيَّةَ الْمَدْلُولِ أَمْ لَا وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَدْلُولِ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ) قَالَ بَعْضُ حَوَاشِي الْخَيَالِيِّ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ حُجِّيَّةَ الْإِجْمَاعِ مِنْ مَسَائِلِ أُصُولِ الْفِقْهِ بَلْ هُوَ مِنْ مَسَائِلِ الْكَلَامِ أُورِدَ فِيهِ بِطَرِيقِ الْمَبْدَئِيَّةِ وَتَكْمِيلِ