أَيْ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ (قِيَاسِيَّةٌ) أَيْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى أَوْ الْمُسَاوِي الْمُسَمَّى بِالْجَلِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَالْعِلَّةُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ الْإِيذَاءُ.

وَفِي الثَّانِي الْإِتْلَافُ وَلَا يَضُرُّ فِي النَّقْلِ عَنْ الْأَوَّلَيْنِ عَدَمُ جَعْلِهِمَا الْمُسَاوِيَ مِنْ الْمُوَافَقَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى الِاسْمِ لَا الْحُكْمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّسْمِيَةِ بِالْمُوَافَقَةِ وَلَا نَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ (وَقِيلَ) الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ (لَفْظِيَّةٌ) لَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِيهَا لِفَهْمِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قِيَاسٍ (فَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ) مِنْ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ غَيْرِ وَصْفِ الْإِمَامِ وَوَصْفِ غَيْرِهِ بِهِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَارَةَ وَصْفِهِ بِذَلِكَ مُغْنٍ عَنْ ذِكْرِهِ فَكَأَنَّهُ أَمْرٌ مُقَرَّرٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ

(قَوْلُهُ: أَيْ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ دَلَالَةً مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَأَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْمُوَافَقَةُ وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُوَافَقَةَ هُنَا هُوَ الْحُكْمُ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْطُوقِ قَالَ النَّاصِرُ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ مَعْنَاهُ السَّابِقَ أَيْ مَفْهُومَ مُوَافِقٍ لِلْمَنْطُوقِ كَمَا يَتَبَادَرُ وَالْإِلْزَامُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُوَافِقَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ مَدْلُولُ اللَّفْظِ لِكَوْنِهِ مَفْهُومًا، وَمَدْلُولُ الْقِيَاسِ كَمَا صَرَّحُوا فَيَلْزَمُ الْقِيَاسُ بِدُونِ شَرْطِهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُ حُكْمِ الْأَصْلِ شَامِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ فَتَدَبَّرْ اهـ.

فَالْمُوَافَقَةُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَعْنِي قَوْلَ الْإِمَامِ وَالْقَوْلَ الَّذِي بَعْدَهُ لَيْسَتْ مَفْهُومًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَخْ سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْهُمَا مِنْ أَنَّ الدَّلَالَةَ مَجَازِيَّةٌ أَوْ عُرْفِيَّةٌ، فَإِنَّ الْمَدْلُولَ عَلَى هَذَا مَنْطُوقٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ إجْرَاءَ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْمُوَافَقَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مَفْهُومٌ بَلْ بِاعْتِبَارِهَا فِي نَفْسِهَا وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا الْخِلَافِ مُقَابَلَةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهَا مَفْهُومًا فَقَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامَانِ دَلَالَتُهُ إلَخْ مَعْنَاهُ الدَّلَالَةُ الَّذِي سَمَّيْنَاهُ مُوَافَقَةً وَقُلْنَا: إنَّهُ مَفْهُومٌ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ أَيْ بَعْدَ أَنْ عَلِمْت أَنَّ الْمُوَافَقَةَ مِنْ أَقْسَامِ الْمَفْهُومِ أَخْبَرَك بِأَنَّهُ خُولِفَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ سَكَتَ عَنْ الْأَدْوَنِ لِمَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ مَفْهُومُ الْأَدْوَنِ حَتَّى تَكُونَ الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ الْأَدْوَنِ اهـ.

وَنَاقَشَهُ سم بِأَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَيْسَتْ بِطَرِيقِ الْفُهُومِ بَلْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ فَانْتِفَاءُ كَوْنِ الْمَفْهُومِ أَدْوَنَ لَا يَقْتَضِي انْتِفَاءَ كَوْنِ الْقِيَاسِ أَدْوَنَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ عَلَى الْعِلَّةِ وَوُجُودِهَا فِيهِ فَأَيُّ مَحَلٍّ وُجِدَتْ فِيهِ كَانَ مُلْحَقًا الْأَصْلُ فِي حُكْمِهِ

(قَوْلُهُ: الْمُسَمَّى بِالْجَلِيِّ) أَيْ بِقِسْمَيْهِ (قَوْلُهُ: مِمَّا سَيَأْتِي) أَيْ فِي خَاتِمَةِ الْقِيَاسِ مِنْ أَنَّ الْجَلِيَّ مَا قَطَعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ أَوْ كَانَ ثُبُوتُهُ احْتِمَالًا ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: عَنْ الْأَوَّلَيْنِ) يَعْنِي الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ وَإِمَامَ الْحَرَمَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّالِثُ يَعْنِي بِهِ الْإِمَامَ الرَّازِيَّ.

وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا الْحُكْمِ) أَيْ الِاحْتِجَاجِ (قَوْلُهُ: مِمَّا تَقَدَّمَ) يَعْنِي فَحْوَى الْخِطَابِ وَلَحْنَ الْخِطَابِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَفْظِيَّةً) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْمُقَابَلَةُ غَيْرُ حَسَنَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ إلَخْ فَتَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ لَفْظِيَّةً أَيْضًا، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ لَفْظِيَّةٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ وَهِيَ الَّتِي لَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِيهَا كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: لَا مَدْخَلَ) أَيْ لَا دُخُولَ لِلْقِيَاسِ الِاصْطِلَاحِيِّ فِيهَا وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ اللُّغَوِيُّ لَا بُدَّ مِنْهُ إذْ لَمْ يَقَعْ التَّصْرِيحُ إلَّا بِالتَّأْفِيفِ (قَوْلُهُ: لِفَهْمِهِ) أَيْ الْمُوَافَقَةِ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِتَأْوِيلِهَا بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مِنْ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ) قَالَ سم قَدْ يُفْهِمُ أَنَّ غَيْرَهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ مَعَ قَوْلِهِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَفْهُومًا وَلَا قِيَاسِيَّةً لَا يَقُولُ بِأَنَّهَا فُهِمَتْ مِنْ السِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ.

وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصُ الْغَزَالِيِّ وَالْآمِدِيِّ بِذَلِكَ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ غَيْرِهِمَا مِنْ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ بَلْ؛ لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015